للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للأمّة، ولئلاّ تُركّب الأسانيد الصّحيحة عليها، بل إنّ في هذا المسلك حراسة للدّين، ودفاعًا عن حياض الشّريعة، وسيرًا على نهج أوائل أهل السّنة والجماعة في ردّهم على كلّ مخالفٍ بمخالفته المذمومة، فلا يزهق الباطل إلاّ إذا قُذف بالحقّ كما قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} (١).

وفي عصرنا هذا يتأكد الكلام السابق؛ لوجود من يروج لهذه الآراء الشاذة، ولانتشارها، ولسهولة الوصول إليها، ولاغترار بعض الناس بها، أضف إلى ذلك عدم قبول بعض العامة للتقليد وهذا هو الداء العصراني الذي فتك في كثير ممن تنكب عن توجيه ربه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، كل ذلك وغيره يؤكد ضرورةَ طرح هذه الآراء على مائدة البحث ووزنها بالميزان العلمي، ورحم الله الشيخ بكر أبو زيد حين قال: (لما كان في الشذوذ والترخص منابذة للشرع صان السالفون دينهم وعلمهم عن ذلك … لكن من الندرة بمكان أن ترى الجمع منها عند إمام، ومع جلالة القائلين بها فقد تنكبها العلماء وهجروها، ونابذوا القول بها أشد منابذة حتى أصبحت غير معتبرة في دواوين الإسلام.

أما في المعاصرة فترى فواقر الرخص، وبواقر الشذوذ يجتمع منها الكُثر في الشخص الواحد، وأجواء العصر المادي على أهبة الاستعداد باحتضان عالم الشقاق، فتحمل له العلم الخفّاق لنشر صيته في الآفاق، فيغتر بذلك أسير الحظ الزائل، ومازاد أن صار بوقاً ينفخ به العدو الصائل) (٣).


(١) من الآية (١٨) من سورة الأنبياء، وينظر: إرسال الشواظ على من تتبع الشواذ للشمراني.
(٢) من الآية (٤٣) من سورة النحل.
(٣) التعالم ص (١١٢ - ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>