للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هريرة -رضي الله عنهم- يدل على أن الأصل فيما يدخل عمداً هو التفطير، بخلاف الإخراج إلا مادل الدليل على تخصيصه، وهذا مقتضى اللغة في معنى الصوم المأموم به.

- أما الرأي المهجور فهو رأي أبي طلحة -رضي الله عنه-، فقد قال أنس (مطرنا برداً وأبو طلحة صائم، فجعل يأكل منه، قيل له: أتأكل وأنت صائم؟ قال: إنما هذا بركة) (١)، وفي لفظ: (بركة على بركة في التطوع) (٢) وفي لفظ: (ليس هو بطعام ولا بشراب) (٣)، جاء عند البزار عن قتادة: (فذكرت ذلك لسعيد بن الْمُسَيَّب فكرهه، وَقال: إنه يقطع الظمأ)، قال البزار: (ولا نعلم روي هذا الفعل إلا عن أبي طلحة) (٤)، قال ابن رجب في سرده لأحاديث تُرك العمل بها: (ومنها حديث أنس في أكل البرد للصائم) (٥)، والإجماع لا يعكّر عليه الخلاف المتروك المخالف للنص (٦)، ولما ذكر ابن الصلاح


(١) في مسند أحمد (١٣٩٧١) حدثنا عبد الله، حدثني عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن قتادة، وحميد، عن أنس به، قال ابن حجر في المطالب العالية (٦/ ٥٨): (وهذا إسناد صحيح لكنه موقوف)، وعبدالله هو ابن الإمام أحمد وه من زياداته على المسند؛ فعبيد الله بن معاذ العنبري لايروي عنه أحمد إنما يروي عنه ابنه عبدالله.
(٢) أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (٥/ ١١٦).
(٣) المرجع السابق (٥/ ١١٥).
(٤) مسند البزار (١٤/ ٢٥).
(٥) شرح علل الترمذي (١/ ٣٢٦)، وقد ذكر ابن رجب أحاديث ادعى بعضهم أنه لم يعمل بها ولم يتعقبها وهذا منها، ثم سرد بعدها أحاديث صدرها بقوله: (ادعى بعضهم ترك العمل بأحاديث أخر وهو خطأ ظاهر).
(٦) قال السمعاني في قواطع الأدلة (٢/ ١٤): (إن قيل: قد تفرّد قوم من الصحابة بأشياء لم يعتدوا بذلك. وأثبتم الإجماع مع وجود ذلك الخلاف مثل … خلاف أبي طلحة في أكل البرد في حال الصوم … قلنا: نحن إنما نعتد بخلاف الواحد إذا لم يكن على خلاف النص، فأما إذا كان بخلاف النص فلا يعتد بخلافه ويحكم بانعقاد الإجماع، معه وعلى هذا … خلاف أبي طلحة؛ لأن الله تعالى قال: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} والصيام هو الإمساك ولا يوجد الإمساك مع أكل البرد).

<<  <  ج: ص:  >  >>