للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبحة إلا إن هذه منثورة والسبحة منظومة، وهذا فرق غير مؤثر لأن المقصود هو العد، بل إن ثبوت استعمال اليد لضبط العد كاف (١)، وإلى ذلك أشار الإمام أحمد حين سئل فقيل: يسبح الرجل بالنوى؟ فقال: (قد فعل ذلك أبو هريرة و سعد- رضي الله عنهما -، وما بأس بذلك؛ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد عدّ) (٢).

- ثم إن هذا مما فعله السلف فلا ينطبق عليه معنى البدعة كما قال ابن تيمية عن بدعة المولد: (فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان خيرًا. ولو كان هذا خيرًا محضاً، أو راجحًا لكان السلف -رضي الله عنهم- أحق به منا) (٣).

- والضبط السابق لمعنى البدعة بالمقتضي والمانع (٤)، اشتهر عن الشاطبي و ابن تيمية في غير سياق ضابط البدعة (وقد كان اعتقادها ضابطاً صحيحاً للبدعة من أسباب التنازع والبغي والعدوان بين المختلفين) (٥).

- (أما تطبيقاتهما في مسائل البدعة فهي تدل على أنهما لا يريان إجراءها في غير العبادات المحضة؛ فلم يوجد -فيما وقفت عليه في كلامهما- أنهما حكما بالبدعة في وسيلة عبادة، أو في أمر


(١) قال ابن علّان في الفتوحات الربانية (١/ ١٤٥): (وفي شرح المشكاة لابن حجر: ويستفاد من الأمر بالعقد المذكور في الحديث: ندب اتخاذ السبحة، وزَعْمُ أنها بدعة غير صحيح، إلا أن يحمل على تلك الكيفيات التي اخترعها بعض السفهاء، مما يمحضها للزينة أو الرياء أو اللعب).
(٢) مسائل الإمام أحمد وابن راهويه للكوسج (٩/ ٤٨٨٧ - ٤٨٨٨).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ١٢٣).
(٤) وأنها في كل ما قام مقتضاه وسببه في الصدر الأول، ولم يوجد مانع من فعله ثم لم يفعل، ففعل من بعدهم له بدعة.
(٥) "ضابط البدعة وما تدخله" لسليمان الماجد، منشور في موقعه الرسمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>