للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه خافية، فلو كان الدم الكثير ناقضاً أو نجساً لأوحى الله بذلك إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم- (١).

ونوقش هذا الاستدلال بأمور:

- بأن الأثر ضعيف (٢)؛ ففي سنده عقيل بن جابر، وهو مجهول، قال أبوحاتم: (لا أعرفه) (٣)، ومحمد بن إسحاق مختلف فيه (٤)، وتفرده في مثل هذا لايُحتمل.


(١) انظر: تمام المنة ص (٥١)، و السلسلة الصحيحة (١/ ٦٠٦)، وأول من رأيته يستدل بهذا الأثر على طهارة الدم هو الشيخ الشوكاني في فتاويه (٥/ ٢٥٥١)، ثم الألباني -رحمهما الله-.
(٢) قال شعيب الأرنؤوط: (إسناده ضعيف، عقيل بن جابر لم يوثقه غير المؤلف (أي: ابن حبان)، ولم يرو عنه غير صدقة بن يسار، وباقي رجاله ثقات) صحيح ابن حبان (٣/ ٣٧٦)، وقال مشهور آل سلمان: (والحق أن إسناده ضعيف، فعقيل لم يوثقه غير ابن حبان، بذكره له في "الثقات" … ، ولم يرو عنه غير صدقة … ولعله من أجله علقه البخاري في "صحيحه" بصيغة التمريض)، كما في تحقيقه للموافقات (٢/ ٣٦٩).
(٣) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٦/ ٢١٨)، وقال عنه الذهبي: (فيه جهالة)، وقال عنه ابن حجر: (مقبول)، انظر: ميزان الاعتدال (٣/ ٨٨)، المغني في الضعفاء (٢/ ٤٣٨)، تقريب التهذيب ص (٣٦٩)، وقول ابن حجر: (مقبول) هذا ليس توثيقاً وإنما يقصد باصطلاحه كما نص عليه في المقدمة: (مقبول حيث يتابع، وإلا فليّن الحديث)، فحديثه مقبول في الشواهد والمتابعات، ولا يُقبل تفرده.
(٤) اختُلف في محمد بن إسحاق بن يسار اختلافاً كثيراً، ومما هو كالإجماع أنه إمام حجة في المغازي والسير، وهو دون ذلك في الأحكام، فمنهم من وثقه مطلقاً، ومنهم من طعن فيه طعناً شديداً، ومنهم من توسط وجعل حديثه صالحاً يُعتبر به، قال الذهبي في السير (٧/ ٤١): (فله ارتفاع بحسبه، ولا سيما في السير، وأما في أحاديث الأحكام، فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا فيما شذ فيه، فإنه يعد منكراً، هذا الذي عندي في حاله) وقال في ميزان الاعتدال (٣/ ٤٧٥): (فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث، صالح الحال صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئا)، وقال ابن حجر في القول المسدد ص (٤٤): (فإن الأئمة قبلوا حديثه، وأكثر ما عيب فيه التدليس والرواية عن المجهولين، وأما هو في نفسه؛ فصدوق وهو حجة في المغازي عند الجمهور)، ويمكن تقسيم حديث محمد بن إسحاق أقساماً: فمارواه في السير مصرحاً بالتحديث فهو أصحها، ومارواه في الأحكام فإن صرح بالتحديث فحديثه حسن وقد ينحط إذا خالف أو تفرد، ومالم يصرح فيه بالتحديث فهو ضعيف. انظر: القراءة خلف الإمام للبخاري ص (١٨١)، ميزان الاعتدال (٣/ ٤٦٨)، تهذيب التهذيب (٣٠/ ٣٨)، من تكلم فيه وهو مُوثَّق ص (١٥٩)، شرح علل الترمذي (١/ ١٤٣)، المدلسين للعراقي ص (٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>