للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢/ الدليل الثاني هو ماجاء في الشروط العمرية على النصارى وفيها: (أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها دَيْراً، ولا كنيسة، ولا قلَّاية، ولا صومعة راهب (١)، ولا نجدد ما خرب منها، ولا نحيي ما كان منها في خطط المسلمين) (٢)، وقول ابن عباس -رضي الله عنهما- عندما سئل: هل للمشركين أن يتخذوا الكنائس في أرض العرب؟ فقال ابن عباس: (أما ما مصَّر المسلمون فلا ترفع فيه كنيسة، ولا بيعة، ولا بيت نار، ولا صليب، ولا ينفخ فيه بوق، ولا يضرب فيه ناقوس، ولا يدخل فيه خمر، ولا خنزير، وما كان من أرض صولحت صلحاً، فعلى المسلمين أن يفوا لهم بصلحهم) (٣).


(١) قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (٣/ ١١٧١): (فأما الدَّير فللنصارى خاصة يبنونه للرهبان خارج البلد، يجتمعون فيه للرهبانية والتفرد عن الناس. وأما القلَّاية فيبنيها رهبانهم مرتفعة كالمنارة، والفرق بينها وبين الدَّير أن الدير يجتمعون فيه، والقلَّاية لا تكون إلا لواحد ينفرد بنفسه، ولا يكون لها باب بل فيها طاقة يتناول منها طعامه وشرابه وما يحتاج إليه. وأما الصومعة فهي كالقلاية تكون للراهب وحده).
(٢) أخرجه البيهقي (١٨٧١٧) من طريق يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن سفيان الثوري، والوليد بن نوح، والسري بن مصرف، يذكرون عن طلحة بن مصرف، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غنم عن عمر به، وقد سكت عنه الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٣/ ١١٥) ولم يتعقبه ابن القطان، وفي البدر المنير (٩/ ٢١٤): (يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو ضعيف وإن سكت عبد الحق على إسناده) انتهى، قلت وقد نقله ابن كثير في مسند الفاروق من غير طريق يحيى بن عقبة ثم قال (٢/ ٣٣٨): (فهذه طرق يشدُّ بعضها بعضًا)، وللسبكي في فتاويه (٢/ ٣٩٩) كلام محرّر في إثبات هذه الشروط عن عمر -رضي الله عنه-، وينظر: جزء فيه شروط النصارى لابن زبر ص (٢١ - ٢٦) وقد أخرج ابن زبر ص (١٩) مرفوعاً: (لا تبنى بيعةٌ في الإسلام، ولا يجدد ما خرب منها) وأخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٠/ ٥٣)، قال ابن كثير في مسند الفاروق (٢/ ٣٤١): (والصحيح: أنه موقوف)، يعني على عمر.
(٣) أخرجه عبدالرزاق (١٠٠٠٢)، وأبوعبيد في الأموال (٢٦٩)، وابن أبي شيبة (٣٢٩٨٢)، وغيرهم، كلهم من طريق الحسين الرحبي الملقب بحنش عن عكرمة عن ابن عباس به، وحنش حديثه منكر، قال البخاري في التاريخ الكبير (٢/ ٣٩٣): (ترك أحمد حديثه)، وهذا مما يشكل على احتجاج أحمد بهذا الأثر، قال ابن قدامة في المغني (٩/ ٣٥٥): (رواه الإمام أحمد، واحتج به) انتهى، أما رواية الإمام أحمد؛ فقد أخرجها الخلال في أحكام أهل الملل والردة ص (٣٤٥) قال: أخبرني عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن حنش به، وأما احتجاجه؛ ففي أحكام أهل الملل لخلال ص (٣٤٧): (قيل لأبي عبد الله: أيش الحجة في أن يمنع أهل الذمة أن يبنوا بيعة، أو كنيسة إذا كانت الأرض ملكهم، وهم يؤدون الجزية، وقد منعنا من ظلمهم، وأذاهم؟ قال: حديث ابن عباس أيما مصر مصرته العرب) انتهى، وهذا مُشكل لحال حنش، وممايزيل الإشكال أن هذا الحديث مما انتقاه الإمام أحمد فقد قال في العلل برواية ابنه عبدالله (٢/ ٤٨٦): (حسين بن قيس، يقال له: حنش: متروك الحديث له حديث واحد حسن. روى عنه التيمي في قصة البيع أو نحو ذلك الذي استحسنه أبي) انتهى، وهذا نص مهم جداً، قال صالح آل الشيخ في التكميل ص (٧٣): (وقوله " البِيَع " لعلها جمع بيعة، فيعني هذا الأثر عن ابن عباس … احتج به؛ لأن العمل عليه، ولأنه ليس ثمّ مايدفعه، وهذه قاعدة أحمد).

<<  <  ج: ص:  >  >>