للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: القائلون بهذا الرأي من المعاصرين]

أبرز من قال بهذا القول من المعاصرين:

محمد عبده (ت ١٣٢٣) (١)، وتلميذه محمد رشيد رضا (ت ١٣٥٤) (٢).

و سيد سابق (ت ١٤٢٠) (٣) وغيرهم (٤).


(١) قال في رسالة التوحيد ص (١٩١): (إنما شهر المسلمون سيوفهم دفاعاً عن أنفسهم، وكفّاً للعدوان عنهم، ثم كان الافتتاح بعد ذلك من ضرورة الملك، ولم يكن من المسلمين مع غيرهم إلا أنهم جاوروهم وأجاروهم، فكان الجوار طريق العلم بالإسلام)، ونقل عنه تلميذه محمد رشيد رضا أنه قال -وهو يوضح ماسبق-: (إن غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت كلها دفاعاً، وكذلك حروب الصحابة في الصدر الأول، ثم كان القتال بعد ذلك من ضرورة الملك) كما في تفسير المنار (١٠/ ٢٤٨)، وفي الأعمال الكاملة لمحمد عبده (٤/ ٧٠٥): (الجهاد من الدين بهذا الاعتبار، أي أنه ليس من جوهره ومقاصده، وإنما هو سياج له وجنة، فهو أمر سياسي لازم له للضرورة، ولا التفات لما يهذي به العوام، ومعلموهم الطغام؛ إذ يزعمون أن الدين قام بالسيف، وأن الجهاد مطلوب لذاته، فالقرآن في جملته وتفصيله حجة عليهم)، وقال (٥/ ٢٤٧) عن بعض المفسرين: (إنهم لايكادون يتركون آية من آيات العفو والصفح والحلم ومكارم الأخلاق في معاملة المخالفين إلا ويزعمون نسخه، وهو موقف ننكره كل الإنكار).
(٢) قال في مجلة المنار (١٣/ ٣٢١): (النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأذن أحدًا من المسالمين له بحرب أبدًا، وإنما كانت غزواته كلها دفاعًا)، وقال (١٨/ ٣٠): (وأما الجهاد العام في الإسلام فلا يكون إلا دفاعًا، ولا يجوز فيه قتال غير المقاتلين المعتدين)، وقال (٩/ ٤٢٧): (آي القرآن الناطقة بتحريم العدوان، وبأن القتال خاص بمن يقاتلوننا في الدين أي: يقاتلون لأجل منعنا من الدعوة إلى ديننا أو من إقامته وإحياء شعائره).
(٣) قال في فقه السنة (٢/ ٦١٣ - ٦١٥): (لا مسوغ لهذه الحرب -في نظر الاسلام- مهما كانت الظروف، إلا في إحدى حالتين: الحالة الاولى: حالة الدفاع عن النفس، والعرض، والمال، والوطن عند الاعتداء .... الحالة الثانية: حالة الدفاع عن الدعوة إلى الله إذا وقف أحد في سبيلها، بتعذيب من آمن بها، أو بصد من أراد الدخول فيها، … أما الذين لا يبدءون بعدوان، فإنه لا يجوز قتالهم ابتداء … حروب الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت كلها دفاعاً).
(٤) كالقرضاوي ففي رسالته "فقه الجهاد" (١/ ٤٠٣) نقل أن: (المنهج الذي التزمه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنه يُسالم من سالمه، ويحارب من حاربه، وأنه لم يبدأ أحداً بقتال قط)، ثم قال: (وهذا كلّه يؤكد ما ذهبنا إليه من تحريم قتال المخالفين المسالمين للمسلمين، الذين لم يبْدُ منهم أي إساءة للإسلام ولا لأمته، لم يقاتلوهم في الدين، ولم يخرجوهم من ديارهم، ولم يظاهروا على إخراجهم، بل ألقوا إليهم السلم، وكفوا أيديهم وألسنتهم عن المسلمين، فهؤلاء ليس لهم منا إلا البر والقسط)، وأشار إلى أن هذه الدعوة ابتدأت من محمد عبده، كما في فقه الجهاد (١/ ٣٦٦)، (١/ ٤٢١). وانظر: الجهاد والقتال في السياسة الشرعية (١/ ٥٨٦ - ٥٩٦)، وفي رسالة "أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية" ص (٣٢٥) ذكر ممن تأثر بهذه المقولة من المعاصرين كعبدالوهاب خلاف، ومحمود شلتوت، ووهبة الزحيلي، والأخير -رحمه الله-، له رسالة "آثار الحرب في الفقه الإسلامي" قال في مقدمة الطبعة الثانية وهو يذكر انتشار الطبعة الأولى ص (١٠): ( … ومعظم الجامعات العربية، ومكتبة الكونجرس الأمريكي أرسلوا لي رسائل تنوّه وتشيد بهذا الإنتاج العلمي الجديد، وتأمل من المؤلف متابعة الجهود في هذا المضمار الهام من الفقه الإسلامي) انتهى، ومثل هذا الفرح بهذه النتائج من الكفار لاغرابة فيه؛ لخوفهم الشديد من تمدد الإسلام، كما قال المبشّر لورانس براون: (الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام، وفي قدرته على التوسع والإخضاع، وحيويته: إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوروبي) كما نُقل عنه في كتاب"التبشير والاستعمار في البلاد العربية" ص (١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>