للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الأدلة والمناقشة، وفيه ثلاث مسائل]

المسألة الأولى: أدلة القائلين بعدم الوجوب:

استدل من يرى عدم وجوب غسل الكفين للمستيقظ من النوم بأدلة منها:

١/ قول الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (١) الآية.

وجه الاستدلال:

أن القيام من النوم داخل في عموم الآية (٢)، وقد أمر الله بالوضوء


(١) من الآية (٦) من سورة المائدة، والآية ليس فيها إلا فروض الوضوء، وماعداها آداب وسنن كما ذكر القرطبي في تفسيره (٦/ ٨٣)، وقال ابن عبدالبر: (وأكثر أهل العلم … ذهبوا إلى أنه لا فرض في الوضوء واجب إلا ما ذكر الله في القرآن) الاستذكار (١/ ١٣٥)، فإن اعتُرض بالنية والتسمية والترتيب؟ فالجواب: أن النية يدل عليها: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} يعني: أردتم القيام للصلاة، كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} وهذه هي النية، و أما الترتيب؛ فيدل عليه إدخال الممسوح؛ مسح الرأس بين المغسولات (غسل اليدين والرجلين)، وأما التسمية؛ فلاتجب عند الجمهور، خلافاّ لأحمد في رواية، وظاهر المذهب عدم الوجوب، كقول الجمهور وهو الذي استقرت عليه الرواية عن أحمد، ولايصح في الأمر بها حديث كما قال أحمد وغيره. انظر: المغني (١/ ٧٦).
(٢) وصح عن زيد بن أسلم أن المراد بالقيام في الآية: إذا قمتم من المضاجع؛ يعني النوم، رواه مالك في موطئه (١/ ٢٢) عن زيد بن أسلم، قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٤٣ - ٤٤): (قال كثيرون من السلف: قوله: إذا قمتم إلى الصلاة معناه وأنتم محدثون، وقال آخرون: إذا قمتم من النوم إلى الصلاة، وكلاهما قريب)، قال ابن جرير: (وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، قولُ من قال: إن الله عنى بقوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} جميعَ أحوال قيام القائم إلى الصلاة، غير أنه أمرُ فرضٍ بغسل ما أمر الله بغسله القائمَ إلى صلاته، بعد حَدَثٍ كان منه ناقضٍ طهارتَه، وقبل إحداث الوضوء منه، وأمر ندب لمن كان على طهر قد تقدم منه). تفسير الطبري (١٠/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>