للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الأدلة والمناقشة، وفيه ثلاث مسائل]

المسألة الأولى: أدلة القائلين بوجوب صلاة الظهر على من لم يصلّ الجمعة وصلى العيد في ذلك اليوم:

استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:

١/ قول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (١)، وحديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- وفيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد» (٢)، ويشهد له حديث المعراج وفيه قال الله -عز وجل-:


(١) الآية (٧٨) من سورة الإسراء.
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٦٩٣)، أبوداود (١٤٢٠)، وابن ماجه (١٤٠١) كلهم من طريق محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن المخدجي، عن عبادة بن الصامت به، والمخدجي، قيل: اسمه رفيع (مقبول) كما ذكر ابن حجر في التقريب ص (٦٤٠)، وله متابعة صحيحة، أخرجها أحمد (٢٢٧٠٤)، وأبوداود (٤٢٥) وغيرهما، من طريق محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي قال: زعم أبو محمد أن الوتر واجب، فقال: عبادة بن الصامت كذب أبو محمد أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «خمس صلوات افترضهن الله … » الحديث. وهذا الإسناد رجاله ثقات إلا أن فيه علة التفرد وأشار إليها الطبراني في المعجم الأوسط (٥/ ٥٦)، وقال أبو نعيم في الحلية (٥/ ١٣٠): (غريب من حديث الصنابحي، عن عبادة، ومشهوره رواية ابن محيريز، عن المخدجي، عن عبادة)، وصرّح أبوحاتم بالعلة حين قال كما في العلل لابنه (٢/ ٩٧): (سمعت هذا الحديث عن عبادة منذ حين، وكنت أنكره، ولم أفهم عورته حتى رأيته الآن: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: حدثنا أبو صالح، عن الليث، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن عبادة، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول … فعلمت أن الصحيح هذا، وأن محمد بن مطرف لم يضبط هذا الحديث، وكان محمد بن مطرف ثقة)، لكن قال ابن عبدالبر في التمهيد (٢٣/ ٢٨٩): (روي عن عبادة من طرق ثابتة صحاح من غير طريق المخدجي بمثل رواية المخدجي)، فللحديث طرق أخرى، وللشاهد شواهد عديدة، كما في حديث المعراج والذي بعده مما ذكرته في البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>