للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المقدمة]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الطيبين، وعلى من اقتفى أثرهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الله -عز وجل- قد أكمل لنا الدين، وحفظ الملة في مبناها ومعناها من التغيير والتبديل، فجعل في كل خلف حملة علم عدول ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ولا يخفى على كل مسلم أن التعبد والتفقه له ميزان في الشريعة، كما قال الله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (١)، قال ابن عطية في تفسيره: (وهذه الآية تعم أهل الأهواء، والبدع، والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام، هذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد) (٢) وكلام العلماء في التحذير من الشذوذات، وإحداث الأقوال كثير (٣)، فكل قول جديد في مسألة قديمة غير نازلة فهو هدر ولا يجوز الفتيا به ولا العمل، فلا تجتمع أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على ضلالة، ولا يمكن أن يغيب الحق عن جميعهم في العصور السالفة ثم يتبين لأحدٍ ممن بعدهم من الخلف.


(١) الآية (١٥٣) من سورة الأنعام.
(٢) المحرر الوجيز (٢/ ٣٦٤).
(٣) وسيأتي بعض ذلك في المطلب السادس من التمهيد، بعنوان: "خطر الشذوذ، وموقف المسلم منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>