للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: صورة المسألة وتحرير محل الشذوذ]

البلد الأمين (مكة) بقعة معظمة لها تحية بالإحرام كتحية المسجد بالركعتين (١)، فـ (الله تعالى جعل البيت معظماً، وجعل المسجد الحرام فناء له، وجعل مكة فناء للمسجد الحرام، وجعل الميقات فناء للحرم، والشرع ورد بكيفية تعظيمه، وهو الإحرام من الميقات على هيئة مخصوصة) (٢)، (وهذه خاصية لا يشاركها فيها شيء من البلاد) (٣).

والمقصود بهذا المبحث هو من كان قاصداً إلى مكة ولم يرد النسك، فهل يجوز له تجاوز الميقات دون إحرام؟ والتعبير بمكة دون الحرم له فائدة، فإن مكة أخص من الحرم وخاصة في الزمن السابق لما كانت مكة أصغر من الحرم، ومن تراجم البخاري: (باب دخول الحرم ومكة … )، قال ابن حجر: (هو من عطف الخاص على العام؛ لأن المراد بمكة هنا البلد فيكون الحرم أعم) (٤).

ولذلك فإن بعض العلماء يخص الإحرام بقاصد مكة دون من قصد الحرم، كقول المالكية في الميقات: (والمار به إن لم يرد مكة … فلا إحرام عليه) (٥)، (وقال الثلاثة غير المالكية: إن حكم دخول الحرم حكم دخول مكة … ولم يلحق المالكية الحرم بمكة في ذلك) (٦)، والثمرة هنا:


(١) انظر: بدائع الصنائع (٢/ ١٦٦)، المجموع (٧/ ١٤)، المغني (٣/ ٢٥٤).
(٢) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٢/ ٧).
(٣) زاد المعاد (١/ ٥١).
(٤) فتح الباري (٤/ ٥٩)، وللوقوف على حدود مكة، انظر: رحلة ابن بطوطة (١/ ٣٦٨ - ٣٦٩)، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (١/ ٢٥ - ٢٩).
(٥) مختصر خليل ص (٦٨).
(٦) هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك (٢/ ٥٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>