= في شرحه للبخاري (١/ ٢٦٠): (وبترك المسح على النعلين قال أئمة الفتوى بالأمصار)، وقال الماوردي في الحاوي (١/ ١٢٧): (مسح النعلين لا يجزئ عن مسح الرجلين بالإجماع)، ونقل ابن تيمية اتفاق المسلمين على أنه لايجوز المسح على النعلين، كما في مجموع الفتاوى (٢١/ ١٩٢)، أما قول ابن مفلح في الفروع (١/ ١٩٧): (اختار شيخنا مسح القدم ونعلها التي يشق نزعها إلا بيد أو رجل؛ كما جاءت به الآثار، قال: والاكتفاء هاهنا بأكثر القدم نفسها أو الظاهر منها غسلًا أو مسحاً أولى من مسح بعض الخف، ولهذا لا يتوقت)؛ فالظاهر أن المراد به الرش الخفيف الذي يسمى مسحاً، كما صرّح بذلك ابن تيمية بقوله كما في الفتاوى الكبرى (٥/ ٣٠٥): (الرِّجْل لها ثلاث أحوال: الكشف له الغسل وهو أعلى المراتب، والستر له المسح، وحالة متوسطة، وهي إذا كانت في النعل فلا هي مما يجوز المسح ولا هي بارزة فيجب الغسل فأعطيت حالة متوسطة وهي الرش، وحيث أطلق عليها المسح في هذه الحال فالمراد به الرش، وقد ورد الرش على النعلين، والمسح عليهما)، ونقل المرداوي في الإنصاف (١/ ١٨٣) عن ابن تيمية أنه: (يجوز المسح على الخف المخرق، إلا المخرق أكثره فكالنعل) أي: لايجوز المسح عليه، وقد جاءت أحاديث مرفوعة فيها المسح على النعلين لاتخلو من ضعف، وأشار إلى ذلك البخاري في تبويبه: (باب غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين) وقد ذكر هذا الباب عقب (باب غسل الأعقاب) وحديث: «ويل للأعقاب من النار»، وانظر في أحاديث الباب: "فضل الرحيم الودود في تخريج سنن أبي داود" (٢/ ٢٤٩ - ٢٦٠)، وأصح مافي الباب ما أخرجه ابن أبي شيبة (١٩٩٨) عن علي -رضي الله عنه- أنه مسح على نعليه، وقد سأل صالح ابن الإمام أحمد والده كما في مسائل أحمد برواية صالح (٢/ ١٥٣) فقال: (قلت: ما تقول في حديث علي أنه مسح على نعليه ثم خلعهما وأم القوم ولم يحدث وضوءاً ما معناه؟ قال يروى هذا عن علي. قلت: فإن فعل هذا رجل؟ قال: ما يعجبني، يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «ويل للأعقاب من النار»، فإن كان أتى المسح على الأعقاب وغسل الرجلين فلا بأس)، على أن المروي في ذلك مرفوعاً أو موقوفاً هي حوادث أعيان وحكايات أفعال يتطرق إليها عدة احتمالات منها: أن المسح يطلق على الغسل الخفيف والرش، أو أن ذلك يجوز في وضوء النفل والتجديد، أو أن ذلك جائز مع مسح الخفين فهو تابع، أو أن ذلك كان في أول الأمر، وغير ذلك من الاحتمالات، انظر: تهذيب السنن لابن القيم (١/ ١٣٥ - ١٤٢)، وقد قال الشافعي كما نقله الزَّرْكشيُّ في البحر المحيط (٤/ ٢٠٨) وغيره: (قضايا الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال)، فلانترك محكمات الغسل والوعيد على التفريط لنصوص محتملة، بل كما قال الطبري في تفسيره (١٠/ ٦٤): (وفي وجوب الويل لعقب تارك غسل عقِبه في وضوئه= أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء)، ولم أقف على عالم معين يصرح بجواز المسح على النعلين إلا الألباني والدبيان من المعاصرين. انظر: إتمام النصح للألباني "ملحق مع المسح على الجوربين للقاسمي" ص (٨٢)، موسوعة أحكام الطهارة للدبيان (٥/ ١٠١).