للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمران بن مسلم مما يوهن الرواية عن بلال، فإنه قال: (فلا أدري أسويد قاله من قبل نفسه أو هو من قول بلال).

- وعلى فرض ثبوته، فإنه لم يخرم الإجماع العملي؛ لأنه لم يضح بغير بهيمة الأنعام ولم يفعل لا هو ولا غيره من الصحابة ذلك، وكلامه إنما خرج مخرج المبالغة في عدم الوجوب (١)، و المنع من التباهي، أو على تفضيل الصدقة بثمنها على الأضحية بها، وعلى ذلك حمل هذا الأثر جميع من أورده (٢)، إلا ابن حزم الظاهري فأجراه على ظاهره في موضع (٣).

- فقول بلال يحمل على ماورد عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- أنه قال: (إني لأدع الأضحى، وإني لموسر مخافة أن يرى جيراني أنه


(١) والمبالغة وضرب المثل في السنة كثير، كالأمر بطاعة العبد الحبشي فـ (إن العبد الحبشي إنما ذكر على وجه ضرب المثل وإن لم يصح وقوعه) كما في جامع العلوم والحكم (٢/ ١٢٠)، وفي الفتح لابن رجب (٦/ ١٧٩): (إن هذا باب ضرب المثل لطاعة الأمراء على كل حال، كقوله: «من بنى مسجداً، ولو كمفحص قطاة»، مع أنه لا يكون المسجد كذلك)، وفي الحديث المتفق عليه: «لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده … »، قال القرطبي في المفهم (٥/ ٧٤): (إنما سلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث مسلك العرب فيما إذا أغيت في تكثير شيء أو تحقيره، فإنَّها تذكر في ذلك ما لا يصح وجوده، أو ما يندر وجوده إبلاغًا في ذلك، فتقول: لأصعدن بفلان إلى السماء، ولأهبطن به إلى تخوم الثرى، وفلان مناط الثريا … ومثل هذا كثير في كلامهم وعادة لا تستنكر في خطابهم).
(٢) المقصود من أورده بلفظ: (لا أبالي لو ضحيت بديك)، أما من ذكره بلفظ: (وروي عن بلال أنه ضحى بديك) فهذا خطأ ظاهر، ولم أقف عليه إلا عند ابن بزيزة في روضة المستبين (١/ ٦٧٦).
(٣) ذكره في موضعين من المحلى، الأول (٦/ ٩) في بيان أن الأضحية غير واجبة، وهذا موافق لما في كتابه الإعراب حين قال (٢/ ٧٧٥): (وقد صح عن أبي بكر وعمر وأبي مسعود وبلال وابن عباس -رضي الله عنهم- أنها تطوّع غير واجب)، وهذا هو الموافق لإيراد غيره لهذا الأثر، والموضع الآخر في المحلى (٦/ ٣٠) أتى به في بيان أن الأضحية جائزة بكل حيوان، فهو أول من استشهد به في هذا السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>