للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: صورة المسألة وتحرير محل الشذوذ]

المشقة في اللغة: من الشق وهو الصدع، (يقال أصاب فلانا شِقٌّ ومشقَّة، وذلك الأمر الشديد كأنه من شدته يشق الإنسان شقاً. قال الله جل ثناؤه: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}) (١)، فالمشقة: الجَهدُ والعناء والشدّة (٢).

ولفظة: (مطلقاً) في العنوان تعني: عدم تقييد المشقة بمشقة المطر فقط، بل لو تحققت المشقة في غيره فهو عذر على هذا الرأي المعنون له، ودفع المشقة من الحاجيّات، وبعض العلماء يقيد جواز الجمع في الحضر بوجود الحاجة وهي كالتعبير بالمشقة، فالحاجة هي التي تبلغ بالإنسان حدًّا يكون فيه في جهد ومشقة (٣)، وهذا الرابط بين الحاجة والمشقة، فمن لم يتعاطَ ما يحتاجه لحقته مشقة، والقاعدة الكلية الكبرى أن: (المشقة تجلب التيسير) (٤)، (قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته) (٥)، لكنّ جلبها للتيسير مشروط بعدم مصادمتها نصاً، وليست كل مشقة أيضاً بل المشقة المقصودة ما كانت منفكة عن التكليفات الشرعية، أما التي لا تنفك عنها التكليفات الشرعية كمشقة الجهاد فلا أثر لها في جلب تيسير ولا تخفيف (٦).


(١) مقاييس اللغة (٣/ ١٧١).
(٢) انظر: لسان العرب (١٠/ ١٨٣).
(٣) انظر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٢/ ٥٣٢).
(٤) الأشباه والنظائر للسبكي (١/ ٤٩)، المنثور في القواعد (٣/ ١٦٩).
(٥) الأشباه والنظائر للسيوطي ص (٧٧).
(٦) انظر: شرح القواعد الفقهية للزرقاء ص (١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>