للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لايعرف له مخالف، وهي مسألة تتعلق بالأصل، وبعض المعاصرين يضطرب في اعتباره، أما الظاهرية فيطردون في عدم اعتباره.

- والقول المعاصر في المسألة له علاقة بقول ابن حزم من حيث عدم إيجاب الفدية أو الدم إلا في المنصوص (١)، لكن ابن حزم يبطل الحج بتعمد أي معصية ومنها ترك الواجب أو فعل المحظور ولا يفرق بين ترك الركن والواجب (٢)، وبهذا فارقه.

- ثم أخذ الشوكاني تقرير ابن حزم بعدم إيجاب الدم أو الفدية، وخففّه فلم يبطل حج من تعمّد المعصية حتى وإن كان ذلك بالوطء قبل التحلل، فلا بطلان ولا فدية، ثم أخذ بعض المعاصرين قول الشوكاني، وخالفوه في مسألة الوطء، وخالفوا ابن حزم في عدم البطلان، وخالفوا الجمهور في عدم الفدية، فأتى قولاً جديداً.

- فالشوكاني أول من قرر هذا التقرير العام، واطرد اطراداً شاذاً لم يسبق إليه (٣)، فلم يوجب الفدية حتى في تعمّد الجماع، وقال: (غايته أن فاعله إذا تعمد أثم … وإذا عرفت أنه لا دليل على أن


(١) قال في المحلى (٥/ ٢٣١): (ولا يجوز أن يوجب فدية، أو غرامة، أو صيام، لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقال (٥/ ٣٠٠): (ولا يجوز شرع هدي، ولا إيجاب صيام، ولا إلزام غرامة إطعام، ولا صدقة، إلا بقرآن، أو سنة).
(٢) قال في المحلى (٥/ ٢٩١): (فلو تعمد لباس ما حرم عليه أو فعل ما حرم لغير ضرورة: بطل حجه وإحرامه)، وقال (٥/ ٢٩٥): (وأما من تعمد ما حرم عليه فقد فسق، والفسوق يبطل الحج كما قدمنا)، وسبق قوله (٥/ ١٩٧): (وكل من تعمد معصية أي معصية كانت -وهو ذاكر لحجه مذ يحرم إلى أن يتم طوافه بالبيت للإفاضة ويرمي الجمرة - فقد بطل حجه).
(٣) في رسالة "أحكام الفدية في الحج" ص (٣٣٩) قال: (لم أجد من الأئمة السابقين من وافقه، فقد خالف بهذه المسألة، ونفى أن يفسد حج المحرم بالجماع مطلقاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>