للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: صورة المسألة وتحرير محل الشذوذ]

في المبحث السابق جاءت الإشارة إلى حكم قتل النساء والصبيان والرهبان والشيوخ ونحوهم، عند الكلام على علّة قتال الكفار وهل هي: المقاتلة أو الكفر؟ وأن علة المقاتلة قال بها الجمهور، و (ليس المراد المقاتلة بالفعل، بل متى كان الكافر من أهل القتال، الذي يخيفون أهل الإيمان، ومن شأنه أن يقاتل فإنه يحل قتله. قالوا ومن ثمة نُهي عن قتل الشيخ الفاني والمرأة والصبي؛ لأنهم ليسوا ممن يخيف أهل الإيمان) (١)، وثمرة الخلاف بين رأي الجمهور، وبين من رأى أن العلة هي الكفر تظهر في قتل غير النساء والصبيان، ممن لاشأن له في القتال، كالرهبان والشيوخ الكبار (٢)، وقتل هؤلاء يعبّر عنه بعضهم في زماننا بـ: (قتل المدنيين)، ولعل هذا أوسع ممن لا شأن له في القتال، فيدخل فيه من لم يشارك في القتال بالفعل وإن كان من شأنه أن يقاتل، ثم إن النساء والصبيان المتفق على تحريم قتالهم، هناك حالات يستثنى منها ذلكم التحريم.

وهذا هو تحرير محل الشذوذ، وتبيين محل النزاع في المسألة:

١. … (لا خلاف أن قتل النساء والذراري محظور) (٣)، (وأجمع العلماء


(١) قاله الصنعاني في حاشية ضوء النهار (٧/ ٧٥٧)، وانظر: ذخائر علماء اليمن ص (١٥٥).
(٢) قال ابن عبدالبر في التمهيد (١٦/ ١٣٨ - ١٣٩): (واختلفوا في طوائف ممن لا يقاتل، فجملة مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما أنه لا يقتل الأعمى، والمعتوه، ولا المقعد، ولا أصحاب الصوامع، الذين طينوا الباب عليهم ولا يخالطون الناس … وعن الشافعي قولان، أحدهما: أنه يقتل الشيخ والراهب وهو عنده أولى القولين).
(٣) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>