للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقع هذه في هذا وهذه في هذا؛ وكل هذا جائز؛ لأن أصل هذه المسألة أن الوقت عند الحاجة مشترك والتقديم والتوسط بحسب الحاجة والمصلحة) (١).

المسألة الثالثة: حُكم نسبة هذا الرأي إلى الشذوذ:

بعد عرض هذا الرأي ودراسته فالذي يظهر أن نسبة القول بجواز الجمع لوجود المشقة إلى الشذوذ غير صحيحة، فهو رأي لم يخالف نصاً ولا إجماعاً، بل استُدل له بدليل قوي وعضده فهم سلفي من التابعي الجليل محمد بن سيرين، فهو رأي دائر بين راجح ومرجوح، وإن كان القول بالجواز أقوى لولا ما يعكّر عليه من أن المشقة وصف غير منضبط، ولذلك لم تعلق رُخص السفر بالمشقة لعدم انضباطها بل علقت بالسفر، وكذلك الجمع في الحضر علّقه أكثر العلماء بأوصاف أكثر انضباطاً واطراداً كالمطر أو المرض، ف (من المشكل ضبط المشقة المقتضية للتخفيف … ومن ضبط ذلك بأقل "مما" ينطلق عليه الاسم، كأهل الظاهر خَلَصَ من هذا الإشكال) (٢).

قال القرافي: ("سؤال" ما ضابط المشقة المؤثرة في التخفيف من غيرها فإنا إذا سألنا الفقهاء يقولون ذلك يرجع إلى العرف فيحيلون على غيرهم ويقولون: لا نجد ذلك ولم يبق بعد الفقهاء إلا العوام وهم لا يصح تقليدهم في الدين ثم إن الفقهاء من جملة أهل العرف فلو كان في العرف شيء لوجدوه معلوماً لهم أو معروفاً.

"جوابه" هذا السؤال له وقعٌ عند التحقيق وإن كان سهلاً في بادي الرأي وينبغي أن يكون الجواب عنه: إن لم يرد فيه الشرع بتحديد يتعين


(١) المرجع السابق (٢٤/ ٥٦).
(٢) المنثور في القواعد (٣/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>