للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيات المدنية فبلغت "٢٦" كلمة، وأكثرها يدل دلالة واضحة على معنى القتال) (١)، وكذلك ("سبيل الله" إذا أطلق لم يفهم منه إلا الجهاد) (٢).

- ولذلك فإن الصحابة والصحابيات -رضي الله عنهم- صاروا لايطلقون لفظ الجهاد إلا على القتال، بإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- وتبيينه، كما في حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه؟» قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء» (٣)، وكما في حديث عائشة أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: «لا، لَكِنَّ أفضل الجهاد حج مبرور» (٤)، مع أن الطاعة و الحج فيه جهاد للنفس، لكنه لا يراد عند إطلاق الجهاد إلا بقرينة.

- وقد مرّ تشريع قتال الكفار بمراحل فقد (كان محرماً، ثم مأذوناً به، ثم مأموراً به لمن بدأهم بالقتال، ثم مأموراً به لجميع المشركين) (٥)، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- (كان مأموراً بالكف عن قتالهم؛ لعجزه وعجز المسلمين عن ذلك، ثم لما هاجر إلى المدينة وصار له بها أعوان أذن له في الجهاد، ثم لما قووا كتب عليهم القتال،


(١) الجهاد والقتال في السياسة الشرعية (١/ ٤٠ - ٤١).
(٢) الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٤٢٢)، وفي الحاوي الكبير (٨/ ٥١١): (سبيل الله إذا أطلق فهو محمول على الغزو)، وانظر: بدائع الصنائع (٢/ ٤٦)، الكافي لابن قدامة (١/ ٤٢٧).
(٣) أخرجه البخاري (٩٦٩).
(٤) أخرجه البخاري (١٥٢٠)، وفي روية أحمد (٢٥٣٢٢)، وابن ماجه (٢٩٠١): « … جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة».
(٥) زاد المعاد (٣/ ٦٤)، وهذه المراحل الأربع التي ذكرها ابن القيم، ستأتي الإشارة إليها مرتبة في تحرير محل النزاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>