للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: صورة المسألة وتحرير محل الشذوذ]

الواجب على من أتى على الميقات مريداً للنسك ألا يتجاوزه إلا محرماً، ومن لم يكن الميقات على طريقه فإنه يحرم إذا حاذاه، ومبنى هذه المسألة على معنى محاذاة الميقات في الشرع وفي الاصطلاح، أما المحاذة في اللغة؛ فهي من (الحَذْوُ والحِذاء: الإِزاءُ و المقابل) (١)، ("وحَاذَاهُ" مُحاذاةً: "آزاهُ" وقابَلَه) (٢)، ومن ذلك الحديث المتفق عليه: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة» (٣)، وفي مسلم: «حتى يحاذي بهما أذنيه» (٤)، (أي: مقابلهما) (٥).

وقد اعتبر عمر -رضي الله عنه- المحاذاة للميقات، واستعمل القياس هنا، كما قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: (قاس الناس ذات عرق بقرن) (٦)، ولم ينكر عليه أحد، (والناس حينئذ هم علماء الصحابة الذين هم حجة على من خالفهم) (٧)، قال الخطابي: (تابع الناس في ذلك عمر بن الخطاب إلى زماننا هذا) (٨)، وخالف


(١) لسان العرب (١٤/ ١٧٠)، وانظر: النهاية لابن الأثير (١/ ٣٥٨).
(٢) تاج العروس (٣٧/ ٤١٢).
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري (٧٣٥) واللفظ له، ومسلم (٣٩٠) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٤) أخرجه مسلم (٣٩١) من حديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه-.
(٥) فتح الباري (٢/ ٢٢١).
(٦) أخرجه أحمد (٤٤٥٥) قال: حدثنا هشيم، أخبرنا يحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، وابن عون، وغير واحد، عن نافع، عن ابن عمر به، وهذا إسناد صحيح.
(٧) شرح البخاري (٤/ ٢٠٠).
(٨) معالم السنن (٢/ ١٤٩)، قال الإمام الشافعي: (لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه حد ذات عرق وإنما أجمع عليه الناس). نقله عنه ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٨٩)، وقبله الروياني في بحر المذهب (٣/ ٤١٢)، وانظر: الأم (٢/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>