للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وإرجاع الضمير إلى أقرب مذكور هذا هو الأصل، لكنه ليس بمطرد، فقد يتقدم الضمير على مايفسره (١)، و قد يعود الضمير للمضاف إذا كان الأقرب هو المضاف إليه (٢)، وقد يعود لماهو أبعد إذا كان البعيد هو المتحدث عنه، أو كان فيه توحيداً لمرجع الضمائر (٣)، ونحوهما من الأدلة الصارفة عن الأصل (٤).

- إذا تقرر هذا؛ فإن المتحدث عنه في الآية هو الطعام المحرم،


(١) كما في قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧)}، وهذا مما يخالف الأصل مراعاة للمناسبة، انظر: الإتقان في علوم القرآن (٣/ ٣٣٩).
(٢) كما في قوله تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} فإن الضمير يعود إلى لحم الخنزير، وخالف ابن حزم اضطراراً حتى لايخالف الإجماع على تحريم شحم الخنزير، ولايقع في القياس، فأعاد الضمير للخنزير ليعم التحريم جميع أجزاء الخنزير بلا قياس، قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ١٣): (اللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم، ولا يحتاج إلى تحذلق الظاهرية في جمودهم هاهنا، وتعسفهم في الاحتجاج بقوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} … أعادوا الضمير فيما فهموه على الخنزير حتى يعم جميع أجزائه، وهذا بعيد من حيث اللغة، فإنه لا يعود الضمير إلا إلى المضاف دون المضاف إليه، والأظهر أن اللحم يعم جميع الأجزاء كما هو المفهوم من لغة العرب، ومن العرف المطرد)، وانظر: العذب النمير (٢/ ٣٦٦).
(٣) كما في قوله تعالى: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ} قال الزمخشري في الكشاف (٣/ ٦٢): (والضمائر كلها راجعة إلى موسى، ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة، لما يؤدي إليه من تنافر النظم)، قال الزَّرْكشيُّ في البرهان (٤/ ٣٥): (إذا اجتمع ضمائر فحيث أمكن عودها لواحد فهو أولى من عودها لمختلف).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (١٥/ ١١٢)، أضواء البيان (٣/ ٣٩٤) أصول في التفسير لابن عثيمين ص (٥٧)، وقواعد الضمائر ثلاث: إعادة الضمير إلى [المُتحدِّث] عنه أولى من إعادته إلى غيره، وتوحيد مرجع الضمائر في السياق الواحد أولى من تفريقها، والأصل إعادة الضمير إلى أقرب مذكور، وعند التنازع في هذه القواعد فالمقدم منها قاعدة المتحدث عنه ثم توحيد مرجع الضمائر ثم الإعادة لأقرب مذكور؛ لأن الأولى والثانية فيها مراعاة للمعنى أكثر من اللفظ، وقد قال الزَّرْكشيُّ في البرهان (١/ ٣١٧): (ليكن محط نظر المفسر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له وإن خالف أصل الوضع اللغوي لثبوت التجوز). وانظر في تفصيل القواعد الثلاث: قواعد الترجيح عند المفسرين لحسين الجيزاني (٢/ ٦٠٣ - ٦٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>