للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة» وهذا لفظ خبر أم سلمة، وخبر عكاشة مثله في المعنى، فإذا حُكم لهذا الخبر على ظاهره دل على خلاف قول عروة الذي ذكرته) (١)، وأصرح منه في اختياره قوله قبل ذلك: (باب إباحة التطيب يوم النحر بعد الحلق وقبل زيارة البيت، ضد قول من زعم أن التطيب محظور حتى يزور البيت) (٢)، وهو عام في الرد على قول عروة في المنع من الطيب قبل الطواف، وعلى ظاهر حديث أم سلمة في الإباحة المشروطة.

- ولذلك لم أقف على من نسب إليه القول بظاهر خبر أم سلمة من السابقين، ويبعد أن يكون ذلك خفي على البيهقي، والنووي، والمحب الطبري، وابن كثير، والبُلقيني، بل كلهم قطعوا بعدم معرفتهم من قال به وأن الإجماع قائم على خلاف ظاهره، والنووي خاصة له عناية بأقواله ويعده من أصحابهم (٣)، حتى الألباني لم يتجاسر على نسبته لابن خزيمة مع عنايته بصحيحه.

- وأما قول الألباني: (حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - أجلّ من أن يستشهد عليه بعمل الفقهاء به، فإنه أصل مستقل حاكم غير محكوم)، فإنه شعار جليل لا يخالفه أئمة الدين الذين خالفهم، لكن هذا فرع عن ثبوته، ومن أثبته فقد حكم عليه بالنسخ ونحوه، فلا يرد عليه هذا الكلام، وسيأتي زيادة بيان عند أدلة القول الآخر -بإذن الله-.


(١) صحيح ابن خزيمة (٤/ ٣٠٣).
(٢) صحيح ابن خزيمة (٤/ ٣٠١).
(٣) فتجده يذكر قوله مع قول الإمام أحمد فيقول كما في المجموع (٢/ ٢٦٣): (وهو قول ابن خزيمة من أصحابنا وهو مذهب أحمد ابن حنبل)، وتجده يحتفي ويشيد بفقهه فيقول (٤/ ١٨٤): (هذا الثالث قول اثنين من كبار أصحابنا المتمكنين في الفقه والحديث وهما أبو بكر ابن خزيمة وابن المنذر)، وغير ذلك من الأمثلة على عنايته بفقهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>