للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونوقش الاستدلال:

- بأن الحديث ضعيف، وسبب ضعفه هو تفرد أَسِيدِ بن أبي أَسِيدٍ البرَّاد (لم يوثّقه أحد منْ المتقدّمين المعتبرين، وغاية ما نقل عنهم قول الدارقطنيّ: يُعتبر به، وذكره ابن حبّان فِي "الثقات") (١)، وفي تخريج الحديث بيان ضعفه، وفي أول الحديث ماهو منكر من تحريم الذهب المحلَّق، لايقبل فيه مثل هذه الرواية التي فيها نزول في الرتبة.

- وعلى فرض ثبوت الحديث، فمن الذي فَهِم من السلف تحريم الذهب المحلّق على النساء، وهل فات الأمة هذا الحكم المهم، ثم تتابعوا على تحلية نساءهم بما هو محرّم، حتى فُهم هذا الحكم في عصرنا؟! هذا كاف في ردّ كل مايستدل به هنا، فليُستحضر في كل مناقشة، فـ (أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- لا تجتمع على ضلالة، فما كانوا عليه من فعل أو ترك؛ فهو السنة والأمر المعتبر، وهو الهدى، وليس ثم إلا صواب أو خطأ؛ فكل من خالف السلف الأولين فهو على خطأ، وهذا كافٍ) (٢).

- وعلى فرض أن الخلاف هنا سائغ، فالأدلة محتملة ولها دلالات، فإن قوله: «عليكم بالفضة» يدل على أن التزهيد في أول الحديث


(١) ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (٣٨/ ٢٠٤).
(٢) المرجع السابق (٣/ ٢٨٠ - ٢٨١). وسبق قول الشيخ ابن تيمية في الفتاوى (٢١/ ٢٩١): (كل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام)، وقال تلميذه ابن عبدالهادي في الصارم المنكي (١/ ٣١٨): (ولا يجوز إحداث تأويل في آية أو سنة لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه ولا بينوه للأمة، فإن هذا يتضمن أنهم جهلوا الحق في هذا وضلوا عنه، واهتدى إليه هذا المعترض المستأخر، فكيف إذا كان التأويل يخالف تأويلهم ويناقضه).

<<  <  ج: ص:  >  >>