للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان في يديه طول، فقال: يا رسول الله فذكر له صنيعه، وخرج غضبان يجر رداءه، حتى انتهى إلى الناس، فقال: «أصدق هذا؟» قالوا: نعم، «فصلى ركعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم» (١). وهذه الأحاديث الثلاثة في السجود بعد السلام.

قال الخطابي: (الصحيح منها والمعتمد عند أهل العلم هذه الأحاديث الخمسة (٢) … فأما حديث أبي هريرة فهو حديث مجمل ليس فيه أكثر من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بسجدتين عند الشك في الصلاة وليس فيه بيان ما يصنعه من شيء سوى ذلك ولا فيه بيان موضع السجدتين من الصلاة، وحاصل الأمر على حديث ابن مسعود وأبي سعيد الخدري، وحديث ذي اليدين وابن بحينة وعنها تشعبت مذاهب الفقهاء وعليها بنيت) (٣)، (فأبو حنيفة والشافعي -رحمهما الله- سلكا مسلك الترجيح بينها ورد بعضها إلى بعض، ومالك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، سلكوا مسلك الجمع بين جميع الأحاديث والعمل بكلها) (٤).


(١) أخرجه مسلم (٥٧٤).
(٢) قال القرطبي في المفهم (٢/ ١٧٧): (والصحيح في عدد الأحاديث الصحيحة في السهو أنها ستة)، وانظر التعليق الآتي.
(٣) معالم السنن (١/ ٢٣٨)، ولم يذكر حديث عمران بن حصين وهو في معنى حديث ذي اليدين الذي قبله، ولعله جعل القصة واحدة وأن الخرباق هو ذو اليدين، قال ابن رجب في الفتح (٩/ ٤٠٩): (فمن الناس من قال: هو ذو اليدين المذكور في حديث أبي هريرة. وقال طائفة: هما رجلان، وواقعتان متعددتان، ونص على ذلك الإمام أحمد)، وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ١٠٠): (ذهب الأكثر إلى أن اسم ذي اليدين الخِرْباق … ؛ اعتماداً على ما وقع في حديث عمران بن حصين عند مسلم … وهذا صنيع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران وهو الراجح في نظرى [وإن] كان ابن خزيمة ومن تبعه جنحوا إلى التعدد والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين).
(٤) "نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد" للعلائي ص (٥١٦ - ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>