للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١)، ولو كانت مخالفة الأمر جائزة لما غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خالفوا أمره في الحج (٢)، ولولا أن الأمر فيه إلزام لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لولا أن أشق على أمتي -أو على الناس- لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة» (٣).

- أما اقتران الأمر بإعفاء اللحية بالأمر بإحفاء الشارب؛ فـ (هذه الدلالة التي ذكرنا تسمى دلالة الاقتران، وقد ضعفها أكثر أهل الأصول) (٤)، ومما يدل على ضعفها وخاصة عند عطف الجمل التامة قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (٥)، قال النووي: (ولا يمتنع قرن الواجب


(١) من الآية (٦٣) من سورة النور، والمقصود بالآية هو النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يدل عليه السياق في أول الآية: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} الآية.
(٢) أخرجه مسلم (١٢١١) في حديثٍ قالت فيه عائشة: فدخل علي وهو غضبان، فقلت: من أغضبك -يا رسول الله- أدخله الله النار، قال: «أوما شعرتِ أني أمرتُ الناس بأمر، فإذا هم يترددون؟»، وفي رواية لأحمد: «وما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر، فلا أُتّبع».
(٣) رواه البخاري (٨٨٧)، ومسلم (٢٥٢) واللفظ للبخاري.
(٤) أضواء البيان (٢/ ٣٣٥)، قال الزَّرْكشيُّ في البحر المحيط (٨/ ١٠٩): (أنكرها الجمهور فيقولون: القِران في النظم لا يوجب القِران في الحكم، وصورته أن يدخل حرف الواو بين جملتين تامتين كل منهما مبتدأ وخبر، أو فعل وفاعل، بلفظ يقتضي الوجوب في الجميع أو العموم في الجميع، ولا مشاركة بينهما في العلة، ولم يدل دليل على التسوية بينهما … أما إذا كان المعطوف ناقصاً؛ بأن لم يذكر فيه الخبر؛ فلا خلاف في مشاركته للأول … وأما إذا كان بينهما مشاركة في العلة؛ فيثبت التساوي من هذه الحيثية، لا من جهة القِران).
(٥) من الآية (١٤١) من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>