للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: وجه شذوذ هذا القول]

١/ مخالفة الإجماع، وتفصيله في المطلب الرابع.

٢/ وصفه بالشذوذ ونحوه، وقد نص على شذوذ هذا القول:

- ابن عبدالبر (ت ٤٦٣) فقال: (شذَّ بعض أهل الظاهر وأقدم على خلاف جمهور علماء المسلمين وسبيل المؤمنين فقال: ليس على المتعمد لترك الصلاة في وقتها أن يأتي بها في غير وقتها … وظن أنه يستتر في ذلك برواية جاءت عن بعض التابعين شذ فيها عن جماعة المسلمين … والعجب من هذا الظاهري في نقضه أصله وأصل أصحابه: فيما وجب من الفرائض بإجماع أنه لا يسقط إلا بإجماع مثله أو سنة ثابتة لا تنازع في قبولها، والصلوات المكتوبات واجبات بإجماع، ثم جاء من الاختلاف بشذوذ خارج عن أقوال علماء الأمصار وأتبعه دون سند روي في ذلك، وأسقط به الفريضة المجتمع على وجوبها ونقض أصله ونسي نفسه … فما أرى هذا الظاهري إلا قد خرج عن جماعة العلماء من السلف والخلف، وخالف جميع فرق الفقهاء وشذ عنهم، ولا يكون إماماً في العلم من أخذ بالشاذ من العلم) (١).


(١) الاستذكار (١/ ٧٨ - ٨٢)، وقد ذكر ظاهرياً غير معين، وذكر أنه خالف داود وأصحابه الظاهرية، والظاهر أنه يقصد ابن حزم وبمقارنة بين استدلالات ابن حزم ومناقشاته في المحلى، واستدلالات ابن عبد البر ومناقشاته في الاستذكار يظهر له أن كلّاً منهما يرد على الآخر بلا تصريح لأحدهما في الآخر، ومن ذلك:
أ - قال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٧٨): (ودليل آخر: وهو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يصل هو ولا أصحابه يوم الخندق صلاة الظهر والعصر حتى غربت الشمس؛ لشغله بما نصبه المشركون له من الحرب ولم يكن يومئذ ناسياً ولا نائماً)، وقال ابن حزم في المحلى (٢/ ١٥): (وقد أقدم بعضهم فذكر صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق الظهر والعصر بعد غروب الشمس، ثم أشار إلى أنه -عليه السلام- تركها متعمداً ذاكراً لها. قال علي: وهذا كفر مجرد ممن أجاز ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ب - قال ابن حزم في المحلى (٢/ ١٣): (وممن قال بقولنا في هذا: عمر بن الخطاب وابنه عبد الله، وسعد بن أبي وقاص وسليمان وابن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وبديل العقيلي، ومحمد بن سيرين ومطرف بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم)، وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٨٢): (وقد أوهم في كتابه أن له سلفاً من الصحابة والتابعين تجاهلاً منه أو جهلاً فذكر عن ابن مسعود ومسروق وعمر بن عبد العزيز … ) الخ.
ت - قال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٨٢): (وذكر عن ابن عمر أنه قال: لا صلاة لمن لم يصل الصلاة لوقتها، وكذلك نقول: لا صلاة له كاملة كما لا صلاة لجار المسجد ولا إيمان لمن لا أمانة له)، وقال ابن حزم في المحلى (٢/ ١٤): (ومن العجب أن بعضهم قال: معنى قول ابن عمر: لا صلاة لمن لم يصل الصلاة لوقتها، أي: لا صلاة كاملة!).
- وقد تنبه العراقي في طرح التثريب (٢/ ١٤٩ - ١٥٠) لمناقشة ابن عبد البر لابن حزم حين قال: (بالغ ابن حزم في كتاب له سماه: الإعراب فادعى فيه الإجماع على أنها لا تقضى، وناقضه ابن عبد البر في الاستذكار فادعى الإجماع على القضاء) انتهى، ولا يخفى ما بين الشيخين من الصحبة ولعل هذا سبب عدم التصريح بالاسم منهما، وابن حزم يروي عن ابن عبد البر في المحلى، وأثنى عليه كثيراً، كما قال في رسالته عن "فضل الأندلس وذكر رجالها" وهي مطبوعة مع رسائل ابن حزم (٢/ ١٧٩ - ١٨٠): (كتاب التمهيد لصاحبنا أبي عمر يوسف بن عبد البر، وهو الآن في الحياة، لم يبلغ سن الشيخوخة، وهو كتاب لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلاً، فكيف أحسن منه … ولصاحبنا أبي عمر ابن عبد البر المذكور كتب لا مثل لها).

<<  <  ج: ص:  >  >>