للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كافٍ في القول بنجاستها) (١)، بل إن لفظ الرجس أبلغ من لفظ النجس؛ إذ إن الرجس أصلها من الرَجس -بفتح الراء-، وهو: شدَّةُ الصوت، قال الرازي: (يقال: سحاب رجاس إذا كان شديد الصوت بالرعد، فكان الرجس هو العمل الذي يكون قويَّ الدرجة كامل الرتبة في القبح) (٢).

وأجيب عن الجواب:

بعدم التسليم في دلالة الرجس على النجس في الحقيقة الشرعية، فروي عن ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله -عز وجل-: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} قال: سَخَطٌ (٣)، قال ابن تيمية: (وبالجملة لفظ (الرجس) أصله القذر، ويراد به الشرك، كقوله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} ويراد به الخبائث المحرمة كالمطعومات والمشروبات، كقوله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ


(١) فتح الباري (١٠/ ٣٩)، فالأمر باجتنابها، وإراقتها، وكسر دنانها، وشق ظروفها، وغسل أوانيها، واستخباث الشرع لها مما لم يرد مثله ولا قريباً منه في البول بل ولا الغائط، ألا يكفي في الدلالة على نجاسة الخمر؟!.
(٢) تفسير الرازي (١٢/ ٤٢٣).
(٣) رواه ابن جرير في تفسيره (١٠/ ٥٦٥) من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي الله عنه-، ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس منقطعة؛ فإنه يروي عن ابن عباس من كتاب ولم يلقه، قال الخليلي في الإرشاد (١/ ٣٩٤): (وأجمع الحفاظ على أن ابن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس)، قال أبوجعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ ص (٧٥): (والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة وهذا القول لا يوجب طعنا؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين وهو في نفسه ثقة صدوق وحدثني أحمد بن محمد الأزدي، قال: سمعت علي بن الحسين، يقول: سمعت الحسين بن عبد الرحمن بن فهم، يقول: سمعت أحمد بن حنبل، يقول بمصر: "كتاب التأويل عن معاوية بن صالح لو جاء رجل إلى مصر فكتبه ثم انصرف به ما كانت رحلته عندي ذهبت باطلاً").

<<  <  ج: ص:  >  >>