للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا}، وقوله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}) (١)، وفي السنة مثل ذلك، قال ابن الأثير: (الرجس: القذر، وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح، والعذاب، واللعنة، والكفر) (٢)، ولابْنِ عطيَّةَ كلامٌ جميلٌ، حيث يقول في معنى الرجس: (كل مكروه ذميم، وقد يقال للعذاب … وقد يقال للنتن وللعذرة والأقذار رجس، والرجز العذاب لا غير، والركس العذرة لا غير، والرجس يقال للأمرين) (٣).

٢/ الدليل الثاني هو: الإجماع.

وقد نقل الإجماع على نجاسة الخمر غير واحد من العلماء:

١. قال الماوردي (ت ٤٥٠): (فأما الخمر فنجس بالاستحالة (٤)، وهو إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- (٥).

٢. وقال ابن عبدالبر (ت ٤٦٣): (وقد أجمع علماء المسلمين في كل عصر وبكل مصر فيما بلغنا وصح عندنا أن عصير العنب إذا رمى بالزبد، وهدأ، وأسكر الكثير منه أو القليل أنه خمر، وأنه ما دام على حاله تلك حرام كالميتة والدم ولحم الخنزير، رجس نجس


(١) منهاج السنة (٧/ ٨١).
(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٢٠٠).
(٣) تفسير ابن عطية (٢/ ٢٣٣)، وفرَّق أيضاً ابن درَيْد بين الرِّجْس والرِّجْزِ والرِّكْسِ، فجعل الرِّجْسَ: الشرَّ، والرِّجْزَ: العذابَ، والرِّكْسَ: العَذِرةَ والنَّتْن، ثم قال: (والرِّجْسُ يقال للاثْنَيْنِ). انظر: اللباب في علوم الكتاب (٧/ ٥٠٦).
(٤) يعني: أن الخمر استحالت عن شيء طاهر؛ كالعنب وغيره فأصبحت خمراً، وهذه هي النكتة في تفريق بعض العلماء بين الخمر وغيره، إذا استحال إلى شيء طاهر، فإذا انقلبت الخمر إلى خل فقد عادت إلى الأصل فطهرت، بخلاف غيرها، وقد رد ذلك أبو العباس ابن تيمية، وأنه لا فرق؛ فالاستحالة إلى الطاهر تطهرها كلها. انظر: مجموع الفتاوى (٢٠/ ٢٢٥).
(٥) الحاوي الكبير (٢/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>