[المطلب الرابع: الأدلة والمناقشة، وفيه ثلاث مسائل]
المسألة الأولى: أدلة القائلين بجواز استعمال السُّبحة في عدِّ الذِّكر:
استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:
١/ حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنه دخل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على امرأة وبين يديها نوى - أو حصى - تسبح به، فقال:«أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا - أو أفضل -»، فقال:«سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما خلق بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك»(١)، وحديث صفية - رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها، قال: «لقد سبحت
(١) أخرجه أبوداود (١٥٠٠)، والترمذي (٣٥٦٨) وقال: (هذا حديث حسن غريب من حديث سعد)، والنسائي في الكبرى (٩٩٢٢)، وغيرهم من طريق عبدالله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن خزيمة عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها به، وخزيمة قال عنه الذهبي في الميزان (١/ ٦٥٣): (لا يعرف، عن عائشة بنت سعد. تفرد عنه سعيد بن أبي هلال حديثه في التسبيح)، وأخرجه ابن حبان (٨٣٧)، والحاكم (٢٠٠٩) مصححاً له ولم يتعقبه الذهبي، من نفس الطريق ولكن بإسقاط خزيمة، قال الوادعي في "أحاديث معلّة ظاهرها الصحة" ص (١٤٨): (فأنت إذا نظرت في سنده وجدتهم رجال الصحيح، ولكن إذا رجعت إلى "تهذيب التهذيب" لم تجد رواية لسعيد بن أبي هلال عن عائشة بنت سعد)، فالإسناد فيه انقطاع بين سعيد وعائشة والواسطة في الروايات الأخرى هو خزيمة، وتقدم بيان حاله وأنه لا يُعرف، وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ٨١): (هذا حديث حسن)، ولعل تحسينه له لأجل ما يشهد لمعناه كما في حديث صفية الآتي.