للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما فرقاً؛ فدم الحيض دم طبيعة، بخلاف غيره؛ ولأن مخرجه مخرج البول فيعطى حكمه، كما أن صفاته مختلفة عن غيره (١).

٢/ ومن الآثار التي يُستدل بها أو يُظن خرقها للإجماع:

قول الحسن البصري -رحمه الله-: (ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم) (٢).

وجه الاستدلال: أنه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر بغسله، ولم يرد أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتحرزون منه تحرزاً شديداً؛ بحيث يحاولون التخلي عن ثيابهم التي أصابها الدم متى وجدوا غيرها، ممايدل على طهارته (٣).

ونوقش هذا الاستدلال بأمور:

- أن الأثر ليس فيه ذكر للدم، فلا يلزم من وجود الجرح وجود الدم، وعلى فرض وجود الدم فإنه يسير (٤)، أو أن الدم لم يتوقف (٥)؛ فيصلي على حاله للضرورة؛ كالمستحاضة، ومن به سلس البول؛ لأن حمل المجمل على مايوافق الإجماع أولى من حمله على مايعارضه،


(١) الشرح الممتع (١/ ٤٤٢)، ويمكن الجواب عن هذه المناقشة بأن الجامع هو كونه دماً خارجاً من حيوان، أما كونه خارجاً من السبيل فهو وصف غير مؤثر؛ كالبول إذا خرج من غير مخرجه المعتاد.
(٢) علَّقه البخاري بصيغة الجزم في كتاب: الوضوء، باب (٣٤): من لم ير الوضوء إلا من المخرجين: من القبل والدبر.
(٣) انظر: الشرح الممتع (١/ ٤٤١)، والشيخُ ابن عثيمين -رحمه الله- أول من رأيته يستدل بهذا الأثر على طهارة الدم ولم يذكره الشوكاني ولا الألباني، والأثر في صحيح البخاري ولم يستدل به أحد قبل الشيخ على طهارة الدم، والله أعلم.
(٤) وعلى ذلك استدل بالأثر ابن القيم، انظر: إغاثة اللهفان (١/ ١٥٤).
(٥) وعلى ذلك استدل بالأثر ابن تيمية، انظر: مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>