للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محدث) (١)، قال القاسم بن سلام (ت ٢٢٤): (والذي أراد محمد فيما نرى والله أعلم أن يقول إن إبداءهن المحاجر محدث، وإنما كان النقاب لاحقاً بالعين، أو أن يبدوَ إحدى العينين والأخرى مستورة، عرفنا ذلك بحديث يحدثه هو عن عبيدة أنه سأله عن قوله عز وعلا: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (٢)، قال: فقنَّع رأسه، وغطى وجهه، وأخرج إحدى عينيه، وقال: هكذا (٣) … وإنما قال هذا محمد؛ لأن الوصاوص، والبراقع كانت لباس النساء، ثم أحدثن النقاب بعد ذلك) (٤).

وهذا مروي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أيضاً: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة) (٥)، واستمر عمل المسلمات على ذلك دون نكير حتى قال أبو حيان (ت ٧٤٥): (كذا عادة بلاد الأندلس، لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة) (٦).


(١) ذكره القاسم بن سلّام في غريب الحديث (٤/ ٤٦٣)، وتتابعت على ذكره كتب الغريب، وبعض كتب اللغة.
(٢) من الآية (٥٩) من سورة الأحزاب.
(٣) فسّرها ابن عون أحد الرواة عن ابن سيرين بقوله: (قال ابن عون بردائه، فتقنع به، فغطى أنفه وعينه اليسرى، وأخرج عينه اليمنى، وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريباً من حاجبه، أو على الحاجب). تفسير الطبري (١٩/ ١٨١).
(٤) غريب الحديث (٤/ ٤٦٣ - ٤٦٤)، وانظر: النهاية في غريب الحديث (٥/ ١٠٣)، وماذكره من الأثر عن عبيدة أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٩/ ١٨٢) عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني.
(٥) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٩/ ١٨١)، من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس به، وفيه انقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس، وقد سبق الإشارة إليه في المبحث الثالث، وأنه مما احتُمل ذلك لكونه يحدث من صحيفة أخذها عن تلاميذ ابن عباس، كما قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٦/ ٢٨٢): (واحتملنا حديث علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وإن كان لم يلقه؛ لأنه عند أهل العلم بالأسانيد، إنما أخذ الكتاب الذي فيه هذه الأحاديث عن مجاهد، وعن عكرمة)، وفي البخاري من المعلقات عن ابن عباس منها عدد، قال ابن حجر في الفتح (٨/ ٤٣٩): (وقد اعتمد عليها في صحيحه هذا كثيراً، على ما بيناه في أماكنه).
(٦) البحر المحيط (٨/ ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>