{لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ}(١)، وحُكْمُ هذهِ الكحولِ الموجودة في بعض الأطعمة لحفظها، وفي بعض الأدوية والمعقمات، وفي بعض الأطياب والعطورات، مبنيٌ على مقدمتين: الأولى: هل تدخل الكحول في مسمى الخمر فتأخذ حكمه؟، والأُخْرى: هل النسبة الموجودة من الكحول مسكرة؟
- وفي كلٍّ من المقدمتين لابد من نظر مختص بهذه المركبات؛ لإظهار التوصيف الدقيق لها، حتى يحكم العالِم فيها، أما إعطاء حكم عام لها، ففيه صعوبة وحرج؛ لتعدد الاستعمال، واختلاف التراكيب، واختلاف النسب، والله أعلم.
(١) الآية (٤٧) من سورة الصافات، قال ابن كثير في تفسيره (٧/ ١٠): (نزَّه الله سبحانه وتعالى خمر الجنة عن الآفات التي في خمر الدنيا من صداع الرأس ووجع البطن (وهو الغول) وذهابها بالعقل جملة)، وقال البغوي في تفسيره (٤/ ٣١): (وخمرة الدنيا يحصل منها أنواع من الفساد، منها السكر وذهاب العقل ووجع البطن والصداع والقيء والبول، ولا يوجد شيء من ذلك في خمر الجنة)، ومن لطيف الاستدلال على نجاسة الخمر، مفهوم المخالفة في قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} قال الشنقيطي: (لأن وصفه لشراب أهل الجنة بأنه طهور يفهم منه أن خمر الدنيا ليست كذلك، ومما يؤيد هذا أن كل الأوصاف التي مدح بها تعالى خمر الآخرة منفية عن خمر الدنيا، كقوله: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ}، وكقوله: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ}) أضواء البيان (١/ ٤٢٦).