للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: الأدلة والمناقشة، وفيه ثلاث مسائل]

المسألة الأولى: أدلة القائلين بوجوب القضاء لمن احتقن أو استعط وهو صائم: استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:

١/ حديث لقيط بن صبرة -رضي الله عنه- قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء؟ قال: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» (١).

وجه الاستدلال:

- (أن استثناءه حالة الصوم للاحتراز عن فساد الصوم، وإلا لم يكن للاستثناء معنى) (٢)، وهو واضح في الإفساد بالسعوط والحقنة مقيسة عليها (٣)، (لأنه يصل إلى الجوف؛ ولأن غير المعتاد كالمعتاد في الواصل، ولأنه أبلغ وأولى من الاستعاط) (٤).


(١) أخرجه أبوداود (١٤٢) مطولاً في قصة، والترمذي (٧٨٨)، والنسائي (٨٧)، وابن ماجه (٤٠٧) وغيرهم من طريق يحيى بن سليم عن إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه به، وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح، وقد كره أهل العلم السعوط للصائم، ورأوا أن ذلك يفطره، وفي الحديث ما يقوي قولهم)، قلت: وفي الإسناد يحيى بن سليم القرشي الطائفي وقد تُكلم في حفظه وهو من رجال الشيخين، لكنه توبع في هذا الحديث، تابعه سفيان الثوري عند النسائي (٨٧) قال النسائي: (أنبأنا إسحاق بن إبراهيم [بن راهويه] قال: أنبأنا وكيع، عن سفيان، عن أبي هاشم [هو إسماعيل بن كثير]، عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه)، وإسناد المتابعة صحيح متصل، وُعلم بها ضبط يحيى بن سليم له.
(٢) بدائع الصنائع (٢/ ٩٣).
(٣) قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٥/ ٢٣٥): (وأقوى ما احتجوا به قوله: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» قالوا: فدل ذلك على أن ما وصل إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله، وعلى القياس كل ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة وغيرها، سواء كان ذلك في موضع الطعام والغذاء أو غيره من حشو جوفه).
(٤) كشاف القناع (٢/ ٣١٨)، وفي المجموع (٦/ ٣١٢): (إذا بطل بما يصل إلى الدماغ بالسعوط فلأن يبطل بما يصل إلى الجوف بالحقنة أولى).

<<  <  ج: ص:  >  >>