(٢) انظر: الاختيار لتعليل المختار (٣/ ١٤). (٣) عبر عن هذه العلة الشافعي في الأم (٣/ ١٥) بقوله عن النقدين: (لأنهما أثمان كل شيء، ولا يقاس عليهما شيء)، وقال (٣/ ٩٨): (وإنما أجزت أن يسلم في الفلوس بخلافه في الذهب والفضة بأنه لا زكاة فيه، وأنه ليس بثمن للأشياء كما تكون الدراهم والدنانير أثماناً للأشياء المتلفة، فإن في الدنانير والدراهم الزكاة وليس في الفلوس زكاة … فإن قال قائل: فقد تجوز في البلدان جواز الدنانير والدراهم، قيل: في بعضها دون بعض وبشرط، وكذلك الحنطة تجوز بالحجاز التي بها سنت السنن جواز الدنانير والدراهم، ولا تجوز بها الفلوس) انتهى، قال النووي في المجموع (٩/ ٣٩٣) قال: (فالعلة عند الشافعي فيهما كونهما جنس الأثمان غالباً، وهذه عنده علة قاصرة عليهما لا تتعداهما؛ إذ لا توجد في غيرهما)، وتأمل قوله: (إذ لاتوجد في غيرهما) ففيه عدم تحقق الثمنية في شيء غير النقدين في زمانهم، ولا يخفى على كل أحد أن الأوراق النقدية صارت اليوم أثماناً لكل شيء، وقال [الماوردي] في الحاوي (٥/ ٩١): (فأما علة الربا في الذهب والفضة، فمذهب الشافعي أنه الأثمان غالباً، وقال بعض أصحابنا: قيم المتلفات غالباً. ومن أصحابنا من جمعهما وكل ذلك قريب) انتهى، ولم يكن شيء يقيم به المتلفات إلا الذهب والفضة، ولذلك قال: وكل ذلك قريب،، فما كان ثمناً لكل شيء في بعض البلاد أو قيمة للمتلفات لكنه في النادر فلا يلحق بهما، ففي البيان للعمراني (٥/ ١٦٣): (قد أومأ في " الفروع " إلى وجه آخر: أنه يحرم الربا في الفلوس التي هي ثمن الأشياء وقيم المتلفات في بعض البلاد. وليس بشيء؛ لأن ذلك نادر)، أي: كون الفلوس قيماً للمتلفات هذا نادر، والغالب على الفلوس أنها للمحقرات، ومن تعبيرات الشافعية لهذه العلة ماذكره الرافعي في الشرح الكبير (٤/ ٧٤): (المشهور أن العلّة فيها صلاح التَّنمية الغالبة، وإن شئت قلت: جوهرية الأَثْمَان غالباً، والعبارتان تشملان التِّبر والمَضْرُوب والحُليّ والأواني المُتَّخذة منهما، وفي تعدّي الحكم إلى الفلوس إذا راجت حكاية وجه لحصول معنى التنمية، والأصح خلافه لانتفاء التنمية الغالبة)، فتأمل في تعبيراتهم تجد أن دخول الأوراق النقدية فيما عللوا به غير بعيد، فهي أثمان لكل شيء، وقيم للمتلفات، وصالحة للتنمية، وذلك في كل العالم اليوم، ويبقى أن النقدين تبرهما و مضروبهما فيه الزكاة بخلاف الورق، فهل هذا الفرق مؤثر عند الشافعي؟ محل تأمل.