للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشام وعراقي العرب والعجم وفارس والروم في أول الدهر وآخره، ملوك هذه الأقاليم، لعظمهم وشدة بأسهم، ولعزة ملكهم، وكثرة شأوهم، وخنزوانية (١) سلطانهم، يجعلون بإزاء هذه المحقرات نحاساً يضربون منه قطعاً صغاراً تسمى فلوساً لشراء ذلك، ولا يكاد يوجد منها إلا اليسير، ومع ذلك فإنها لم تقم أبداً في شيء من هذه الأقاليم، بمنزلة أحد النقدين قط.

- وقد كانت الأمم في الإسلام وقبله، لهم أشياء يتعاملون بها بدل الفلوس كالبيض، والكسر من الخبز، والورق، ولحاء الشجر، والودع الذى يستخرج من البحر ويقال له: الكورى وغير ذلك … وكانت الفلوس لا يشترى بها شيء من الأمور الجليلة، وإنما هى لنفقات الدور، ومن أنعم النظر في أخبار الخليفة عرف ما كان الناس فيه بمصر والشام والعراق من رخاء الأسعار، فيصرف الواحد العدد اليسير من الفلوس في كفاية يومه) (٢).

- فالفلوس (يتفق الفقهاء والمؤرخون على أنها أدنى ما يتعامل به من المال) (٣)، ونص على ذلك محمد نجيب المطيعي بقوله عن الفلوس: (أدنى ما يتعامل من المال، ويسمى في الشام قرشاً، وفى العراق فلساً، وفى مصر والسودان مليماً، وفي الحجاز ونجد هللة، وفى اليمن بقشة، وفى المغرب والجزائر بيزا أو بسيطة، وفي اليونان دراخما، وفى اليابان ين، وفى انجلترا وأمريكا بنس) (٤).

- قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: (الفلوس الحديدية لا يتعامل


(١) (الخنزوانة الكبر … يقال: في رأسه خنزوانة، أي: كبر) كما في تهذيب اللغة (٧/ ٩٦).
(٢) النقود القديمة الإسلامية للمقريزي ص (١٧٣ - ١٧٤)، مطبوعة ضمن رسائل عديدة للمقريزي.
(٣) المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (١٢/ ٢٧).
(٤) تكملة المجموع (١٤/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>