للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي يصعب تقييمها بالذهب و الفضة، و ذلك نظراً لشدة رخص هذه الأشياء، و ارتفاع قيمتي الذهب و الفضة على خفة وزنهما، فصعب تقييم هذه الأشياء الرخيصة بالذهب و الفضة، فكانت الفلوس المصنوعة من المعادن الرخيصة لتكون قيَماً لهذه الأشياء) (١)، وأشار إلى ذلك المعنى السرخسي حين قال: (ألا ترى أن الفلوس تروج تارة وتكسد أخرى، وتروج في ثمن الخسيس من الأشياء دون النفيس بخلاف النقود) (٢)، وارتبط ذلك المعنى بالإفلاس الذي يذكره الفقهاء في باب الحجر؛ لأن من ملكها فكأنه لم يملك شيئاً لقلة جدواها ويسير نفعها (٣).

- وهذا سياق تاريخي لطيف ذكره المقريزي (ت ٨٤٥) بقوله: (لما كانت في المبيعات محقرات تقل عن أن تباع بدرهم، أو بجزء منه، احتاج الناس من أجل هذا في القديم والحديث من الزمان إلى شيء سوى الذهب والفضة، يكون بإزاء تلك المحقرات، ولم يسمّ أبداً ذلك الشيء الذي جعل للمحقرات نقداً البتة، فيما عرف من أخبار الخليقة، ولا أقيم قط بمنزلة أحد النقدين، واختلفت مذاهب البشر وآراؤهم فيما يجعلونه بإزاء تلك المحقرات، ولم يزل بمصر


(١) من رسالة "تخريج حرمة ربا الأوراق النقدية المعاصرة على المذاهب الأربعة" لمحمد رشيد، منشورة على الشبكة في ملتقى أهل الحديث.
(٢) المبسوط (١٢/ ١٣٨).
(٣) انظر: أحكام الأوراق النقدية والتجارية ص (١٤٣)، قال المقريزي في رسالته النقود القديمة ص (١٧٢): (الفلوس إنما هي أشبه بلا شيء)، وفي الفتح قال ابن حجر (٥/ ٦٢): (المفلس شرعاً: من تزيد ديونه على موجوده، سمي مفلساً؛ لأنه صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير إشارة إلى أنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال وهي الفلوس، أو سمي بذلك لأنه يمنع التصرف إلا في الشيء التافه كالفلوس؛ لأنهم ما كانوا يتعاملون بها إلا في الأشياء الحقيرة، أو لأنه صار إلى حالة لا يملك فيها فلساً).

<<  <  ج: ص:  >  >>