للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أخرج ابن المنذر بسنده إلى الحسن البصري أنه قال: (حدثني سبعون من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه -عليه السلام- مسح على الخفين) (١)، قال النووي: (وقد روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة) (٢)، وقال ابن حجر: (وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين، ومنهم العشرة) (٣).

وهذا هو تحرير محل الشذوذ، وتبيين محل النزاع في المسألة:

١/ اتفق العلماء على جواز المسح على الخفين (٤)، واتفقوا على عدم جواز المسح على النعلين (٥).


(١) الأوسط (١/ ٤٣٣).
(٢) شرح النووي على مسلم (٣/ ١٦٤).
(٣) فتح الباري (١/ ٣٠٦)، وقال في تلخيص الحبير (١/ ٤١٥): (وذكر أبو القاسم بن منده أسماء من رواه في تذكرته فبلغ ثمانين صحابياً).
(٤) نقل الإجماع على هذه المسألة غير واحد، انظر: الإجماع لابن المنذر ص (٣٥)، الاستذكار (١/ ٢١٦)، مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٠٩)، وقد روي عن بعض الصحابة (علي، وعائشة، وابن عباس -رضي الله عنهم- إنكار ذلك، وهو إما ضعيف أو غير صريح أو قد رجع عنه، قال ابن المنذر في الأوسط (١/ ٤٣٣): (كل من روي عنه من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كره المسح على الخفين قد رُوي عنه غير ذلك)، وانظر: السنن الكبرى للبيهقي (١/ ٤٠٩)، لكنه صحَّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- إنكار ذلك، كما أخرج مسلم في "التمييز" (٨٩) عنه أنه قال: (ما أمرنا الله أن نمسح على جلود البقر والغنم)، قال الإمام مسلم: (فقد صحَّ برواية أبي زرعة وأبي رزين عن أبي هريرة إنكاره المسح على الخفين)، وهو معذور بخفاء هذه السنة عنه، وأيّاً ماكان فقد استقرَّ الأمر بعد عصر التابعين، وأجمع أهل السنة والجماعة على القول بجواز المسح على الخفين، بل صار إنكارها بعد أن استبانت السنة المتواترة شعاراً لأهل البدع والريب، كما قال عبدالله بن المبارك: (ليس في المسح على الخفين عندنا خلاف، وإن الرجل ليسألني عن المسح فأرتاب به أن يكون صاحب هوى) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٢٨٧)، حتى وُصفت هذه المسألة عند ابن عبدالبر بأنها: (فرقٌ بين أهل السنة وأهل البدع … لا ينكره إلا مخذول أو مبتدع خارج عن جماعة المسلمين) التمهيد (١١/ ١٣٤).
(٥) قال الشافعي في الأم (٧/ ١٧٣): (ولا أحد نعلمه يقول بهذا من المفتين)، وقال ابن بطال =

<<  <  ج: ص:  >  >>