للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أنه لا يجب على من أراد دخول الحرم، ولم يرد دخول مكة الإحرام، كما لو كان مسكنه بالحرم وأراد دخوله ولم يرد دخول مكة، أو أراد دخول الحرم لحاجة دون مكة) (١) هذا عند المالكية.

كما أن المالكية يفرقون بين أهل مكة وأهل الحرم في المقصود بقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٢)، قال الإمام مالك: (الذين لا يكون عليهم هدي إن قرنوا أو تمتعوا أهل مكة نفسها وأهل ذي طوى، قال: فأما أهل منى فليسوا بمنزلة أهل مكة، وإنما أهل مكة الذين لا متعة عليهم ولا دم قران إن قرنوا أهل مكة القرية نفسها وأهل ذي طوى) (٣)، والفرع الثالث الذي يفرق فيه مالك بين مكة والحرم، في قوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (٤): (كان مالك يقول: إنما المعنى … مكة، وكان لا يجيز لمن نحر هديه في الحرم إلا أن ينحره بمكة. وقال الشافعي وأبو حنيفة: إن نحره في غير مكة من الحرم أجزأه) (٥).

ولعلّ التفريق بين مكة والحرم كان ظاهراً فيما سبق قبل أن تتصل البيوت، فكانت مكة خاصة بالبلدة والقرية، دون ما أحاط بها من الحرم (ومن الحجة لمالك أن حاضري المسجد الحرام أهل القرية التي فيها المسجد الحرام خاصة، وليس أهل الحرم كذلك؛ لأنه لو كان كذلك لما جاز لأهل مكة إذا أرادوا سفرًا أن يقصروا الصلاة حتى يخرجوا عن الحرم كله، فلما جاز لهم قصر الصلاة إذا خرجوا عن بيوت مكة، دل ذلك على أن حاضري المسجد الحرام هم أهل مكة دون الحرم) (٦)، وقد اتسعت مكة باتصال بيوتها، على أن الإمام أحمد قد سُئل: مَنْ أهل مكة؟ فقال: (كل من كان من مكة على نحو ما يقصر فيه الصلاة، فليس


(١) مواهب الجليل (٣/ ٣٦).
(٢) من الآية (١٩٦) من سورة البقرة.
(٣) المدونة (١/ ٤٠٦).
(٤) من الآية (٩٥) من سورة المائدة.
(٥) بداية المجتهد (٢/ ١٤٠).
(٦) شرح البخاري لابن بطال (٤/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>