للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن المنذر، والبيهقي، وابن قدامة: (وكان الحسن يقول: قليل الدم وكثيره سواء) (١)، علّق البيهقي على ذلك بقوله: (ومذهب سائر الفقهاء بخلافه، في الفرق بين كثير الدم ويسيره) (٢)، فهذا هو مذهب الحسن في نجاسة الدم. والتشديدُ فيه مشهور عند الفقهاء.

٣/ ومن الآثار التي يُستدل بها أو يُظنُّ خرقها للإجماع: ماروي عن جابر -رضي الله عنه-: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في غزوة ذات الرقاع فرُمي رجل بسهم، فنزفه (٣) الدم، فركع، وسجد ومضى في صلاته» (٤).

وجه الاستدلال:

أنه يُستبعد عادة ألا يطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وعلى فرض أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خفي ذلك عليه فما هو بخافٍ على الله الذي لا تخفى


(١) الأوسط (٢/ ١٥٤)، السنن الكبرى (٢/ ٢٦٨)، المغني (٢/ ٥٩).
(٢) السنن الكبرى (٢/ ٢٦٨)
(٣) نزفه الدم وأنزفه: إذا سال منه كثيراً حتى يضعفه. فتح الباري (١/ ١٨١).
(٤) علَّقه البخاري بصيغة التمريض في كتاب: الوضوء، باب (٣٤): من لم ير الوضوء إلا من المخرجين: من القبل والدبر، ووصله غيره بسند فيه ضعف، فقد أخرجه أحمد (١٤٧٠٤)، وأبوداود (١٩٨)، وابن خزيمة (٣٦)، وابن حبان (١٠٩٦)، والحاكم (٥٥٧)، والدارقطني (٨٦٩)، والبيهقي في السنن الصغير (٤٠) وغيرهم، ومدار الإسناد عندهم جميعهم على محمد بن إسحاق عن صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر بن عبدالله به، في قصة الرجلين اللذين كانا يحرسان النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، فاضطجع أحدهما وقام الآخر يصلي حتى رمي بثلاثة أسهم فنزعها وأتم صلاته، قال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد، فقد احتج مسلم بأحاديث محمد بن إسحاق، فأما عقيل بن جابر بن عبد الله الأنصاري فإنه أحسن حالاً من أخويه محمد وعبد الرحمن)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (١/ ٣٥٧)، قلت: وقد أُعلَّ هذا الحديث بضعف ابن إسحاق وجهالة عقيل بن جابر، وأشار لذلك ابن حجر في تغليق التعليق (٢/ ١١٦)، والحديث له شاهد عند البيهقي في الدلائل (٣/ ٣٧٧) وهذا الشاهد لا يفرح به؛ لأن في سنده الواقدي وهو متروك، و (الرجلان الحارسان هما: عمار بن ياسر وعباد بن بشر، وعباد هو الجريح، وقيل عمارة ابن حزم والأول أثبت إن شاء الله تعالى) كما في غوامض الأسماء المبهمة لابن بشكوال (١/ ٤٣٨)، وانظر: سيرة ابن هشام (٢/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>