للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول أبي طلحة السابق، وقول الحسن بن صالح في عدم الفطر بغير الطعام، قال: (انعقد الإجماع بعدهما على خلاف ما قالاه) (١).

ويمكن الجواب عن آثار الصحابة:

- بأنها ليست بصريحة بإفساد الصوم بغير الداخل من المنفذ المعتاد للأكل والشرب، ولذلك جاء عن إبراهيم النخعي أنه قال: (لا بأس بالسعوط للصائم، وكره الصب في الآذان) (٢)، هذا في السعوط.

- أما الحقنة فقد جاء عن الإمام مالك أنه سئل عن الفتائل تجعل للحقنة؟ قال: (أرى ذلك خفيفاً ولا أرى عليه فيه شيئاً، قال مالك: وإن احتقن بشيء يصل إلى جوفه فأرى عليه القضاء) (٣)، فاستثنى اليسير مع أنه لافرق في المفطرات بين اليسير والكثير فدل أن الأمر عنده على الاحتياط (٤)؛ ولذلك اختار عدد من المالكية عدم الفطر بالحقنة ولو مائعة خلافاً للمشهور من المذهب، ومن أبرزهم المحقق ابن عبدالبر (٥) -وهو من أشد الناس على الشذوذ و مخالفة إجماع العلماء بل جمهورهم-.


(١) شرح مشكل الوسيط (٣/ ١٩٩)، قال محقق الكتاب: (لم أجد نقل هذا الإجماع عند غير المصنف، وفيه أيضاً نظر؛ لخلاف بعض المالكية، فإن ما لا يؤكل في العادة كالدرهم أو التراب أو الحصاة أو الحديد ونحوها لا يفطر عندهم).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٩٢٦٣) وإسناده صحيح.
(٣) المدونة (١/ ٢٦٩)، وفي منح الجليل (٢/ ١٣١): (واحترز بمائع عن حقنة بجامد فلا قضاء فيها، ولو فتائل عليها دهن؛ ليَسَارته قاله الإمام مالك -رضي الله عنه- فهو مستثنى من المتحلل).
(٤) مشكلات المفطرات ص (٤٩).
(٥) قال في الكافي (١/ ٣٤٥): (قد قيل: القضاء في الحقنة استحباب لا إيجاب، وهو عندنا الصواب؛ لأن الفطر مما دخل من الفم ووصل إلى الحلق والجوف).

<<  <  ج: ص:  >  >>