للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشيء مستحيل في العادة صيانة لكلامي أن يحصل في حاكم) (١).

- قلت: أما حمل السبكي للإجماع على الحالة الأولى والثانية دون الثالثة فهذا تحكّم، والأصل استصحاب الإجماع في محل الخلاف، وتسميته نفياً لا يغير الحقيقة، إذ هو نفي متضمن للإثبات؛ فمن نفى إمكانية رؤية الهلال بالحساب ورد الشهادة بناء عليه، فقد أثبت اكتمال الشهر بالحساب وهذا إثبات واعتماد على الحساب.

- وأما ما ذكر من أن تفقهه وكلامه في المسألة بسبب تسرع القضاة في زمنه، فعلاجه: بالتوثق من الشهادة والشهود، وليس برد البيّنة الشرعية.

- وأما زعمه بأنه أول من بحث المسألة في حالتها الثالثة، وأنه لم يسبق إلى الكلام فيها فغير مسلّم، بل تكلّم بها معاصره ابن تيمية، فلتلحق هذه المسألة بشد الرحال للقبور، وطلاق الثلاث وغيرها من المسائل التي خاصم فيها السبكيُ ابن تيمية، فقد نصّ ابن تيمية على الحالة الثالثة في مواضع، وفنّدها شرعياً وفلكياً ومن ذلك قوله: (فإذا كانت الرؤية حكماً تشترك فيه هذه الأسباب التي ليس شيء منها داخلاً في حساب الحاسب، فكيف يمكنه مع ذلك يخبر خبراً عاماً أنه لا يمكن أن يراه أحد حيث رآه على سبع أو ثمان درجات أو تسع) (٢)، وقوله: (رأيت الناس في شهر صومهم وفي غيره أيضاً: منهم من يصغي إلى ما يقوله بعض جهال أهل الحساب: من أن الهلال يرى أو لا يرى. ويبني على ذلك إما في باطنه، وإما في باطنه وظاهره، حتى بلغني أن من القضاة من كان


(١) المرجع السابق ص (٤٦ - ٤٧)، كأنه يريد أنه بطريقته لايصل الاتهام للقضاة، فيصونهم بذلك.
(٢) مجموع الفتاوى (٢٥/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>