للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال:

- بأن هذا دور في محل النزاع ويُمكن أن يقلب، فتحريم الواجب مثل عكسه إلا بالبرهان، وهو المطلوب هنا، وقد أوجب الله صيام شهر رمضان، وثبوته في الذمة لانزاع فيه (١)، ونازع من نازع في القضاء، لكن (من لزمه حق لله أو لعباده لزمه الخروج منه … «دَيْنُ الله أحق أن يقضى» (٢)، (ولا معارض لهذا العموم) (٣).

- وما وجب من الفرائض بإجماع لا يسقط إلا بإجماع مثله أو سنة ثابتة لا تنازع في قبولها وفي دلالتها (٤).

- أما مساواة قضاء الصوم لمن تعمد إفساد صومه بجماع بالحج إلى غير مكة أو الصلاة إلى غير القبلة، فهذا افتراض ساقط؛ والأولى مساواة القضاء بمن أفسد حجه بجماع (٥)، وجعل العبادة المؤقتة بمكان كالعبادة المؤقتة بزمان= فيه فرق، فقد جعل الله لما وقّت بزمن بدلاً، كما قضى -صلى الله عليه وسلم- بعض الصلوات بعد خروج وقتها، وكما


(١) انظر: الصلاة لابن القيم ص (٨٨).
(٢) الاستذكار (١/ ٨١)، والحديث في البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨).
(٣) أضواء البيان (٣/ ٤٦٤).
(٤) قال الصنعاني في حاشيته على إحكام الأحكام (٢/ ٤٩٥): (وأقوى شيء عندي في الاستدلال لمن أوجب على العامد القضاء حديث: «فدين الله أحق أن يقضى» فإنه لفظ عام لكل دين لله … وكما أن دين الآدمي لا يسقطه عن الذمة إلا قضاؤه، كذلك دين الله، بل قد جعله -صلى الله عليه وسلم- أحق بالقضاء، وسواء قلنا القضاء بأمر جديد أو بالأمر الأول؛ إذ قد صارت ذمته مشغولة بها بالأمر الأول، وصارت بتركه أداءها في وقتها ديناً لله يعاقبه على عدم القضاء)، وهذا سياقه كان في الصلاة -كما سبق-، وهو يصلح هنا.
(٥) في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (١/ ٤٣٤): (لأنها عبادة تجب بإفسادها الكفارة فلم يدخل القضاء في كفارتها كالحج)، ابن قدامة في المغني (٣/ ٣٣٣): (يكون القضاء على الفور، ولا نعلم فيه مخالفاً؛ لأن الحج الأصلي واجب على الفور، فهذا أولى؛ لأنه قد تعين بالدخول فيه، والواجب بأصل الشرع لم يتعين بذلك).

<<  <  ج: ص:  >  >>