للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الحقنة التي يتكلم عنها الفقهاء، فالحقنة المعاصرة قد تطلق على الحُقن الجلدية و العضلية والوريدية، وهو ما لم يتكلم عنه الفقهاء السابقون (١)، إلا إن أُلحقت الإبر بمداواة الجروح الغائرة، والمقصود بمسألتنا الحقنة الشرجية، علماً أن الحقنة الشرجية كانت تطلق على إدخال ما هو طارد لما في الأمعاء ويذهب الإمساك (٢)، بينما الحقن الشرجية المعاصرة تتوافق معها من حيث الصورة، إلا أنَّ لها استعمالات متعددة، من إخراج محتويات القولون وتنظيفه، أو تغذية المريض، أو معالجة التهاب الأمعاء (٣).

والحقنة هناك من كرهها وتفحّشها ولو لغير الصائم، فقد جاء عن عامر الشعبي: (إني لأكرهها للمفطر، فكيف للصائم؟)، وجاء عن مجاهد: (هي طرف من عمل قوم لوط) (٤)، قال خليل بن إسحاق: (قال ابن حبيب في كتاب له في الطب: كان علي وابن عباس ومجاهد والشعبي والزهري وعطاء والنخعي والحكم بن عيينة وربيعة وابن هرمز يكرهون الحقنة إلا من ضرورة غالبة، وكانوا يقولون: لا تعرفها العرب، وهي من فعل العجم وهي ضرب من عمل قوم لوط … قال ابن حبيب: وكان من مضى من السلف وأهل العلم يكرهون التعالج بالحقن إلا من ضرورة غالبة، لا يوجد عن التعالج بها مندوحة) (٥).


(١) انظر: "المفطرات الطبية المعاصرة" للكندي ص (٢٦٥)، مشكلات المفطرات للهاشمي ص (٤٤).
(٢) هكذا ذكر الكندي في رسالته"المفطرات الطبية المعاصرة" ويمكن أن يستدرك عليه بما حكاه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء (٢/ ٣٦): (وقال الحسن بن حي: لا بأس بالحقنة للصائم للتداوي، فإن كان تسمنّاً لا).
(٣) انظر: المرجع السابق ص (٣٧٨ - ٣٨٠).
(٤) انظر الأثرين في مصنف ابن أبي شيبة (٢٣٤٤٥) (٢٣٤٤٥)، وفي إسناد الأول شريك و جابر الجعفي.
(٥) التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (٢/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>