للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المواقيت بغير إحرام، وذكروا لذلك توجيهات مختلفة، وإذا كان التوقيت عام حجة الوداع لم يكن حاجة إلى الجواب والاعتذار عنه) (١).

- ومما يؤيد الإشكال في المنقول عن أحمد= حديث ابن عمر: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينزل بذي الحليفة حين يعتمر، وفي حجته حين حج … » (٢)، قال العيني: (إنما قال في العمرة بلفظ المضارع، وفي الحج بلفظ الماضي؛ لأنه لم يحج إلا مرة وتكررت منه العمرة) (٣).

المسألة الثالثة: حُكم نسبة هذا الرأي إلى الشذوذ:

بعد عرض هذا الرأي ودراسته، فلاشك أن نسبته إلى الشذوذ غير صحيحة؛ فإنه لم يخالف نصاً صحيحاً صريحاً، ولم يخرم إجماعاً متحققاً، بل هو قول لبعض السلف، فهو رأي دائر بين راجح ومرجوح، وإن كان القول بعدم الوجوب أقوى فيما يظهر، (فحديث ابن عباس المتفق عليه: خص فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- الإحرام بمن أراد النسك، وظاهره أن من لم يرد نسكاً فلا إحرام عليه، وقد رأيت الروايات الصحيحة بدخول النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة يوم الفتح غير محرم، ودخول ابن عمر غير محرم) (٤)، مع الوقائع العديدة التي لم يأمر فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- بلزوم الإحرام، ومع استصحاب البراءة الأصلية، أما الوجوب فأقوى ما فيه قول ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقد خولف، مع إمكان حمل أمره على طلب الكمال وهذا لا نزاع فيه، كما أنه لانزاع في أن الخروج من الخلاف مستحب (٥).


(١) مرعاة المفاتيح (٨/ ٣٤٢).
(٢) أخرجه البخاري (٤٨٤).
(٣) عمدة القاري (٤/ ٢٧١)، وانظر: الكواكب الدراري للكرماني (٤/ ١٤٥).
(٤) أضواء البيان (٤/ ١٥٤).
(٥) قال النووي في شرحه على مسلم (٢/ ٢٣): (فإن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة، أو وقوع في خلاف آخر) وزاد ابن السبكي في الأشباه والنظائر (١/ ١١٢) قيداً ثالثاً وهو: (أن يقوى مدرك الخلاف، فإن ضعف ونأى عن مأخذ الشرع كان معدوداً من الهفوات والسقطات)، وهذه الأفضلية كما قال ابن السبكي: (ليست لثبوت سنة خاصة فيه بل لعموم الاحتياط والاستبراء للدين، وهو مطلوب شرعا مطلقاً؛ فكان القول بأن الخروج أفضل ثابت من حيث العموم، واعتماده من الورع المطلوب شرعاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>