للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفدية المترتبة على حلق الرأس لا تختص به، والأصل (هو القياس على الأصل السابق المنصوص عليه في الكتاب والسنة بخصوص الحلق، فقاس الفقهاء عليه سائر مسائل الفصل بجامع اشتراك الجميع في العلة وهي الترفه، أو الارتفاق) (١)، (وأهل الظاهر لا يوجبون الفدية إلا في المنصوص عليه) (٢)؛ لإنكارهم القياس، فالنقاش معهم في الأصل (٣).

- ٣/ ومن الأدلة-وهو أشهرها- قول ابن عباس-رضي الله عنهما-: (من نسي من نسكه شيئاً، أو تركه فليهرق دماً) (٤)، وقال تلميذه عطاء -إمام المناسك- (٥): (من نسي من النسك شيئاً، حتى رجع إلى أهله،


(١) الموسوعة الفقهية الكويتية (٢/ ١٨٢)، وفيها: (اختلفوا في بعض التفاصيل، في القدر الذي يوجب الفدية من المحظور، وفي تفاوت الجزاء بتفاوت الجناية، وذلك بسبب اختلاف أنظارهم في المقدار الذي يحصل به الترفه والارتفاق الذي هو علة وجوب الفدية)، و قال ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة (٢/ ٤٠٧): (ألحق العلماء بفدية حلق الرأس فدية جميع محظورات الإحرام ما عدا شيئين؛ وهما الجماع في الحج قبل التحلل الأول، وجزاء الصيد؛ فالجماع في الحج قبل التحلل الأول يجب فيه بدنة؛ وجزاء الصيد يجب فيه مثله؛ أو إطعام مساكين؛ أو عدل ذلك صياماً).
(٢) بداية المجتهد (٢/ ١٣٦).
(٣) كما ذكر ابن حزم وذكر لوازم غير لازمة وغير لائقة بفهم السلف، فقال في المحلى (٥/ ٢٩٢): (القياس كله باطل، ولو كانت إماطته الأذى بغير حلق الرأس توجب الفدية لأوجب الفدية: البول، والغائط، والأكل، والشرب، والغسل للحر والتروح، والتدفؤ للبرد، وقلع الضرس للوجع، فكل هذا إماطة أذى).
(٤) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٤١٩) ومن طريقه البيهقي في الكبرى (٩٦٨٨) عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به، قال أيوب: (لا أدري قال: ترك أو نسي)، قال البيهقي: (كأنه قالهما جميعاً)، والأثر غاية في الصحة مسلسل بالأئمة، وقال النووي في المجموع (٨/ ١٠٠): (يعني البيهقي أن "أو" ليست للشك كما أشار إليه مالك، بل للتقسيم، والمراد به: يريق دماً، سواء ترك عمداً أو سهواً).
(٥) وعطاء ليس مجرد تلميذ لابن عباس بل (كانت الحلقة في الفتيا بمكة في المسجد الحرام لابن عباس وبعد ابن عباس لعطاء بن أبي رباح) كما في حلية الأولياء (٣/ ٣١١)، بل قال ابن عباس: (يا أهل مكة تجتمعون علي وعندكم عطاء؟!) كما في تهذيب الكمال (٢٠/ ٧٧)، وابن عباس وتلميذه عطاء لهما اختصاص بالمناسك؛ ففي مصنف ابن أبي شيبة (١٥٦٧٧) قالت عائشة-رضي الله عنها-: (ابن عباس أعلم من بقي بالحج)، ثم اشتهر عطاء بذلك حتى كان يصيح الصائح في الموسم: لا يفتِ الناس إلا عطاء، وفي مصنف ابن أبي شيبة، قال أبو جعفر الباقر: (ما بقي على ظهر الأرض أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>