للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقط؛ فهذا كما قال النووي: (غلط فاحش) (١)؛ لمخالفته للنص الصريح، (ولا شك أن أحاديث الباب تدل على تحريم الأكل والشرب) (٢)، ومخالفته للنص الصريح لايعكر على الإجماع؛ لشذوذه وعدم معرفة من سبقه من الصحابة، (وإجماع من قبل داود حجة عليه) (٣)، ثم إن من يرى جواز الاستعمال من المتأخرين لا يقول بهذا القول فلا يعد سلفاً له، وعلى فرض أن النص لم يرد إلا في الشرب كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» (٤)، حيث لم يذكر الأكل في حديث أم سلمة هذا، وكذلك حديث البراء -رضي الله عنه- وقد سبق ذكره، فجوابه:

- أن النهي عن الأكل ثبت من حديث حذيفة في الصحيحين (٥)، ومن حديث أنس بن مالك (٦)، ومن حديث علي بن أبي


(١) المجموع (١/ ٢٤٩)، والغلط مرادف للفاسد والباطل، وهي من الألفاظ التي يعبر بها عن الرأي الشاذ فكيف إذا وصف الغلط بالفحش أو الوضوح، كما سبق في التمهيد، وانظر: الآراء الشاذة في أصول الفقه (١/ ٩٤).
(٢) نيل الأوطار (١/ ٩١).
(٣) المجموع (١/ ٢٤٩).
(٤) أخرجه البخاري (٥٦٣٤)، ومسلم (٢٠٦٥) من حديث أم سلمة، وفي رواية عند مسلم: «أن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب … » وقد أشار الإمام مسلم إلى إعلالها بتفرد علي بن مسهر؛ ولذا قال البيهقي في الكبرى (١/ ٤٢): (وذكر الأكل والذهب غير محفوظ في غير رواية علي بن مسهر)، وقد جاء ذكر الذهب في حديث أم سلمة من غير طريق علي بن مسهر عند مسلم (٢٠٦٥)، قال البيهقي: (وفي هذا ذكر الذهب دون الأكل، وقد روينا ذكر الأكل في حديث حذيفة بن اليمان، ثم في حديث علي بن أبي طالب، وأنس بن مالك -رضي الله عنهم-.
(٥) ولفظه: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة» أخرجه البخاري (٥٤٢٦)، ومسلم (٢٠٦٧).
(٦) ولفظه: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عن الأكل والشرب في إناء الذهب والفضة» أخرجه ابن طهمان في مشيخته (٥٥)، والنسائي في الكبرى (٦٥٩٨)، وابن المنذر في الأوسط (٢٤٧)، والطبراني في المعجم الأوسط (٨٠١٩)، والبيهقي في الكبرى (١٠٦)، كلهم من طريق إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن الحجاج الباهلي، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك به، وإسناده صحيح، ولم يتعقب البيهقي هذا الحديث بشيء، وقد قال في دلائل النبوة (١/ ٤٧): (وعادتي في كتبي المصنّفة في الأصول والفروع الاقتصار من الأخبار على ما يصح منها دون ما لا يصح، أو التمييز بين ما يصح منها وما لا يصح).

<<  <  ج: ص:  >  >>