للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد قولي أحمد، وثانيهما: - وهو قول المالكيين والكوفيين-: يقبل مطلقاً، وقال الشافعي: يقبل إن اعتضد بمجيئه من وجه آخر يباين الطريق الأولى، مسنداً أو مرسلاً، ليرجح احتمال كون المحذوف ثقة في نفس الأمر. ونقل أبو بكر الرازي من الحنفية، وأبو الوليد الباجي من المالكية: أن الراوي إذا كان يرسل عن الثقات وغيرهم لا يقبل مرسله اتفاقاً) (١).

- و يكفي في رد الدعوى أنه لم يذهب إلى حكم هذا المرسل أحد من السلف وأئمة المذاهب، قال في فيض الباري عن رواية «على الصدر» في حديث وائل: (وهو معلولٌ عندي قطعًا، لأنه لم يَعْمَلْ به أحدٌ من السلف، ولا ذهب إليه أحدٌ من الأئمة) (٢).

- وعلى فرض التسليم بالصحة فليس كل ما صح يكون معمولاً به (وليس الطريق أن يُبْنَى الدين على كل لفظٍ جديدٍ بدون النظر إلى التعامل، ومن يفعل ذلك لا يَثْبُت قدمه في موضعٍ، ويخترعُ كل يوم مسألة، فإن توسُّع الرواة معلومٌ، واختلاف العبارات والتعبيرات غير خفيِّ) (٣).


(١) نزهة النظر ص (١٠١ - ١٠٢).
(٢) فيض الباري على صحيح البخاري (٢/ ٣٣٣).
(٣) المرجع السابق (٢/ ٣٠٢)، وقال: (وهذا الذي عرض للمحدِّثين، فإنهم يَنْظُرُون إلى حال الإسناد فقط، ولا يراعون التعامل. فكثيرًا ما يَصِحُّ الحديث على طورهم، ثم يَفْقِدُون به العمل، فيتحيَّرون، حتَّى إن الترمذي أخرج في «جامعه» حديثين صالحين للعمل، ثم قال: إنه لم يَعْمَل بهما أحدٌ، وذلك لفقدان العمل لا غير، وإلا فإسنادهما صحيحٌ. وكذلك قد يضعِّفون حديثًا من حيث الإسناد، مع أنه يكون دائرًا سائرًا فيما بينهم، ويكون معمولاً به فيتضرَّر هناك من جهة أخرى. فلا بد أن يراعى مع الإسناد التعامل أيضًا، فإن الشرع يَدُور على التعامل والتوارث).

<<  <  ج: ص:  >  >>