للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما أن يكون مخالفاً للنص أو للإجماع، فيكتفى بهما، وسبق التنبيه على أن القلة والكثرة ليست معياراً للشذوذ مالم يُخالف إجماعاً، وكذلك مخالفة أصول الشريعة إما أن يكون هذا الأصل مؤيداً بالنص أو بالإجماع، فيكتفى بهما، وإن لم يكن كذلك فقد يجعله بعضهم ضابطاً لمعرفة الرأي الشاذ، وقد يكون كذلك متمسكاً لمن أخذ بالرأي الشاذ في مقابل النص أو الإجماع، كمن يتمسك بالتيسير في معارضة النص أو الإجماع.

ضابط الرأي الشاذ في هذه الرسالة:

يمكن أن تختصر الحالات السابقة بحالتين ترجع إليهما جميع الحالات وينضبط بهما الحكم على الرأي بأنه شاذ وهما محل اتفاق على النكير على من خالفهما، وهما:

١. مخالفة النص الصريح الصحيح بلا حجة معتبرة (١).

٢. مخالفة الإجماع الثابت.

الضابطان السابقان هما الأصل، وماحكم عليه العلماء بالشذوذ (٢)، ثم وُجد من يقول به من المعاصرين، فإنه يبحث في موافقته لمعيار الشذوذ ويختبر على الضابطين، قال أبو العباس ابن تيمية: (فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً) (٣)، وقال ابن


(١) قال الخطيب في الفقيه والمتفقه (١/ ٣٣٩): (اعلم أن النسخ، قد يعلم بصريح النطق … وقد يعلم بالإجماع، وهو: أن تجمع الأمة على خلاف ما ورد من الخبر، فيستدل بذلك على أنه منسوخ؛ لأن الأمة لا تجتمع على الخطأ).
(٢) أغلب مافي الرسالة محكوم عليه بالشذوذ، وفيه مسائل قليلة لم أجد من حكم عليها بالشذوذ، لكني وجدتها مخالفة لإجماع محكي، ولا يخفى أنه لا يلزم التسليم بالحكم عليها بالشذوذ أو مخالفتها للإجماع، لكنها تدرس ليتبين مدى صحة الحكم عليها بالشذوذ أو مخالفة الإجماع.
(٣) الفتاوى الكبرى (٦/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>