للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة لا تعاد بترك بعضها)، مما يدل على أنه ليس بالواجب الذي يبطل تركه، وكأن الكلام في منهج طرح المسائل، وأن يكون كما طرحها الصحابة: فتوضأ عثمان كما توضأ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصلى مالك بن الحويرث للناس كما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وساق جابر حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرها، ولم يقولوا للناس هذا واجب وهذا مستحب، فكذلك يُعلّم الناس هكذا، وأما في الفتوى فيمن ترك شيئاً أو زاد شيئاً فهنا التقسيم والترخيص، قال ابن رجب: (وسبب هذا - والله أعلم - أن التعبير بلفظ السنة قد يفضي إلى التهاون بفعل ذلك، وإلى الزهد فيه وتركه، وهذا خلاف مقصود الشارع من الحث عليه، والترغيب فيه بالطرق المؤدية إلى فعله وتحصيله، فإطلاق لفظ الواجب أدعى إلى الإتيان به والرغبة فيه، وقد ورد إطلاق الواجب في كلام الشارع على ما لا يأثم بتركه، ولا يعاقب عليه عند الأكثرين، كغسل الجمعة، وكذلك ليلة الضيف عند كثير من العلماء أو أكثرهم، وإنما المراد به المبالغة في الحث على فعله وتأكيده) (١). والله أعلم.

- وأما ابن الموّاز المالكي (ت ٢٦٩) (٢)، فمذهبه وجوب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد الأخير، كما نقله عنه بعض المالكية، وجعلوه كقول الشافعي (٣)، على أن القاضي عياض قال: (وكلامه محتمل


(١) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٢) محمد بن إبراهيم الإسكندراني، المالكي، ابن المواز، أخذ عن أصبغ بن الفرج وعبد الله بن عبد الحكم، وانتهت إليه الرياسة في مذهب مالك، قال السيوطي: (وله اختيارات خارجة عن مذهب مالك؛ منها وجوب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة). توفي سنة (٢٦٩) هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ٦)، حسن المحاضرة (١/ ٣١٠).
(٣) انظر: الإشراف للقاضي عبدالوهاب (١/ ٢٥٢)، شرح التلقين (١/ ٥٤٧)، الذخيرة (٢/ ٢١٨)، عيون المسائل ص (١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>