للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البخاري حين قال: (باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به. وصلّى النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي توفي فيه بالناس وهو جالس)، قال ابن حجر: (أي: والناس خلفه قياماً ولم يأمرهم بالجلوس … فدلَّ على دخول التخصيص في عموم قوله «إنما جعل الإمام ليؤتم به» (١).

- وقد (أجمع العلماء على أن الائتمام واجب على كل إمام بإمامه في ظاهر أفعاله الجائزة وأنه لا يجوز خلافه لغير عذر) (٢)، والزيادة من الأفعال الظاهرة غير الجائزة فلا يتابع عليها، وإذا كانت مفارقة الإمام لتطويله جائزة، فمفارقته لزيادته في صلاته واجبة.

- ثم إن الحديث مفسّر بما بعده: « … فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قاعدا، فصلوا قعوداً أجمعون» والفاء في قوله: «فإذا كبر فكبروا» للتفريع، فما بعدها تفريع على ما قبلها وتفسير له و (المراد اتباع أفعاله في الصلاة، حتى توقع أفعاله بعد أفعاله) (٣) فلايُسابِق ولايَتأخّر ولايُوافق بل يتابع في أفعاله المشروعة هذا هو المراد (٤).

- وذلك لأن عموم المتابعة والطاعة غير مرادة؛ إنما الطاعة في المعروف، فيُتابع الإمام وجوباً في أفعاله المشروعة، و (ينبغي


(١) فتح الباري (٢/ ١٧٤)، و لا يتعارض تنبيه البخاري هذا مع قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في ختام حديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به … وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون» فقد اختلف العلماء في الأمر بالصلاة قاعداً خلف الإمام القاعد هل هو منسوخ، أو هو يختلف باختلاف الأحوال، أو أنه مصروف عن الوجوب؟ وعلى كل حال فصلاته -صلى الله عليه وسلم- في مرض موته جالساً والناس خلفه قياماً يدل على دخول التخصيص في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما جعل الإمام ليؤتم به».
(٢) الاستذكار (٢/ ١٧٠).
(٣) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٢/ ٣١٣).
(٤) انظر: خطبة (التحذير من الفتوى بغير علم-التحذير من كتمان العلم) للعثيمين، وسبق توثيقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>