للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قال ابن رجب: (وكيف ينعقد الإجماع مع مخالفة الحسن، مع عظمته وجلالته، وفضله وسعة علمه، وزهده وورعه؟ ولا يعرف عن أحد من الصحابة في وجوب القضاء على العامد شيء، بل ولم أجد صريحاً عن التابعين - أيضاً - فيه شيئاً، إلا عن النخعي، وقد وردت آثار كثيرة عن السلف في تارك الصلاة عمداً، أنه لا تقبل منه صلاة) (١).

- بل قال ابن حزم: (وصح عن ابن عمر: (لا صلاة لمن [لم] يصلّ الصلاة لوقتها)، وعن أبي بكر الصديق: (إن لله عملاً بالنهار لايقبله بالليل، وعملاً بالليل لايقبله بالنهار)، ولم نجده (٢) إلا الصلاة والصوم، ولا مخالف لهما في ذلك من الصحابة؛ فخالفوهم وقالوا: جائز للمتعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها أن يقضيها وتجزئه) (٣).


(١) فتح الباري لابن رجب (٥/ ١٣٩).
(٢) أي عمل النهار والليل: الصلاة والصيام.
(٣) "الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذهب أهل الرأي والقياس" (٢/ ٧٨٦)، والمروي عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- هو في وصيته لعمر -رضي الله عنه-، وقد رويت في أسانيد مرسلة: من طريق عبدالرحمن بن عبدالله بن سابط عن أبي بكر كما أخرجه أبونعيم في الحلية (١/ ٣٦) وغيره، قال الدارقطني في العلل (١/ ٢٨٢): (ابن سابط لم يدرك أبا بكر)، ورويت من طريق زبيد بين الحارث اليامي عن أبي بكر كما أخرجه ابن أبي شيبة (٣٤٤٣٣) وغيره، قال العلائي عن زبيد كما في جامع التحصيل (١/ ١٧٦): (ذكره بن المديني فيمن لم يلق أحداً من الصحابة)، ورويت من طريق مجاهد عن أبي بكر كما أخرجه ابن جرير في تفسيره (٢١/ ١٤٢) وهي رواية فيها ضعف وإرسال أيضاً، وقد جمع هذه الروايات في كنز العمال (١٢/ ٥٣٣) بقوله: (عن عبد الرحمن بن سابط وزبيد بن الحارث ومجاهد قالوا: لما حضر أبا بكر الموت دعا عمر … ) الخ، وروي عن غيرهم ولا تخلو من مقال، قال الشاطبي في الاعتصام (٣/ ٢٠٥): (وهذا الحديث وإن لم يكن في الصحة هنالك، ولكن معناه صحيح يشهد له الاستقراء لمن تتبع آيات القرآن الكريم)، وأما أثر ابن عمر فقد صححه ابن حزم كما في كتابه الإعراب (٢/ ٧٨٦)، وذكر إسناده في المحلى (٢/ ١٣) فقال: (روينا من طريق شعبة عن يعلى بن عطاء عن عبد الله بن حراش قال: رأى ابن عمر رجلا يقرأ صحيفة، فقال له: يا هذا القارئ؛ إنه لا صلاة؛ لمن لم يصل الصلاة لوقتها، فصل ثم اقرأ ما بدا لك)، وعبد الله بن حراش لم أهتد إليه، وقال الشيخ أحمد شاكر في تحقيق المحلى (٢/ ٢٣٨): (لم أعرف من هو) إلا أن يكون تصحّف من عبد الله بن خراش وهو الظاهر، ويؤيد ذلك أن هذا هو المثبت في كتاب الصلاة لابن القيم ص (٧٦)، وعبدالله بن خراش الكعبي أو الكلبي ذكره ابن سعد في الطبقات (٥/ ٣٤١) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ٤٦)، ومغلطاي في إكمال التهذيب (٧/ ٣٢٥) ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وليس هو عبدالله بن خراش الحوشبي، قال أحمد شاكر في تحقيق المحلى (٢/ ٢٣٨): (وهو كذاب منكر الحديث، وليس من المعقول أن يكون هو) انتهى؛ لأن طبقته متأخرة، لكنه لم يذكر الكعبي، وهذا الأثر مع تصحيح ابن حزم له لم يتعقبه ابن عبد البر بتضعيف، وإنما تأوله فقال كما في الاستذكار (١/ ٨٢): (وذَكَرَ عن ابن عمر أنه قال: (لا صلاة لمن لم يصل الصلاة لوقتها) وكذلك نقول لا صلاة له كاملة).

<<  <  ج: ص:  >  >>