للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصح المعاملة بها ولا يصير المملوك منها أو بها عرض تجارة، فلا زكاة فيه، فإن من شروط المعقود عليه ثمناً أو مثمناً أن يكون فيه في حد ذاته منفعة مقصودة يعتد بها شرعاً) (١)، وكل قولٍ له وجهه في وقته، فإن من أطوار الأوراق أنها كانت سندات لديون، ومن أطوارها أنه كان لكل ورقة غطاء من ذهب أو فضة يمكن لحامل الورقة استبداله بها، ثم أصبح الورق أكثر من الغطاء، وألغي ذلك كله مع مرور الزمن، ووثق الناس بالورق وأصبحت هي كنزهم، ومدار تعاملهم، و مقصد طلبهم.

(وبهذا نعرف أن الخلاف الفقهي في تكييفها لا يرجع إلى خلاف حقيقي، وإنما يرجع إلى الحكم عليها من خلال مراحل نموها وتطورها) (٢)، كما اختلف الفقهاء في الفلوس و (كان اختلاف الفقهاء هذا في زمن يسود فيه الذهب والفضة كعيار للأثمان، وتتداول فيه النقود الذهبية والفضية بكل حرية، ولا تستعمل الفلوس إلا في مبادلات بسيطة، وأما الآن فقد فقدت النقود المعدنية من الذهب والفضة، ولا يوجد اليوم منها شيء في العالم كله، واحتلت النقود الرمزية محلها في سائر المعاملات) (٣)، فلا يمكن أن ينقل الخلاف في حقيقة الورق بداية ظهورها، إلى الورق اليوم مع تطوّر الوظائف وتغيّر الحقائق، وحلول الأوراق محل كل نقد غيره، والله أعلم.


(١) هكذا قال الشرواني (ت ١٣٠١) في حاشيته على تحفة المحتاج (٤/ ٢٣٨)، في جوابه عن سؤال وقع عما أحدثه سلاطين هذا زمانه من الورقة المنقوشة بصور مخصوصة، الجارية في المعاملات كالنقود الثمنية، هل يصح البيع والشراء بها ويصير المملوك منها أو بها عرض تجارة يجب زكاته عند تمام الحول والنصاب؟.
(٢) المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (١٢/ ٤٢).
(٣) بحوث في قضايا فقهية معاصرة (١/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>